تجسيد "الرسول".. من يوسف وهبي إلى إيران
(يوسف، عيسى، نوح، موسى) أنبياء مكرمون آخرهم خاتم الانبياء "محمد" صلى الله عليه وسلم، سلسلة حاولت السينما بصورة مستفزة تجسيدهم، الأمر الذي لطالما آثار جدلاً بين المتخصصين انتهى دائما بالرفض، وكان على رأس الرافضين الأزهر ووزارة الاوقاف المصرية، بينما أباحته الفتاوي الشيعية في إيران.
إعلان إيران عن انتهاء المرحلة الأخيرة من الفيلم السينمائي الذي تنتجه عن حياة النبى "محمد صلى الله عليه وسلم" باللغات الفارسية والعربية والإنجليزية، أعاد جدلاً واسعًا، فتح ملف تجسيد الأنبياء والرسل بالأعمال الفنية والذي حرمه أغلب علماء الدين والأزهر.
ويتناول الفيلم الذي يحمل عنوان "محمد صلى الله عليه وسلم"، بداية بعثة الرسول الكريم والفترة التي سبقتها، ومن المقرر عرضه ضمن فاعليات مهرجان "فجر" في طهران فبراير المقبل، وسط معارضة من دول عربية، وبعد أن أفتى عدد من علماء وفقهاء السنّة بحرمة مشاهدة الفيلم بسبب تجسيده لشخصية خاتم الأنبياء.
يوسف وهبي وتجسيد النبي
بدأت سلسلة الأفلام المجسدة لشخصيات الأنبياء منذ عام 1926 عندما عرض الفنان الراحل يوسف وهبي تجسيد شخصية النبى محمد (صلى الله وعليه وسلم) فى السينما المصرية، وما أن نشرت مجلة المسرح هذا الخبر حتى أرسل شيخ الأزهر خطابًا لوزارة الداخلية في اليوم التالي مباشرة يطالبها فيه بالتحقيق في الأمر، ومنع يوسف وهبي من القيام بالدور حتى لو اقتضى الأمر منعه من السفر.
كما طالب أيضًا بأن تخاطب حكومة باريس بواسطة ممثل مصر هناك في منع تمثيل هذه الرواية، فكان أن استدعت الداخلية يوسف وهبي وحققت معه وأرسلت ردًا للمشيخة حمل رقم 1010، وجاء فيه أن يوسف وهبي سيعلن عن عدوله هذا في الجرائد وأن الحكومة ستتخذ الإجراءات اللازمة لمنع إخراج الرواية نفسها، كما أرسل الملك فؤاد تحذيرًا قاسيًا ليوسف وهبي وهدده بالنفي، وحرمانه من الجنسية المصرية.
حملات مناهضة على "الفيس بوك"
ودشن عددٌ من أعضاء موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" حملة لمقاطعة الفيلم الإيراني، مطالبين الجهات الرسمية في الدول الإسلامية بإيقاف عرضه ورفع القضية إلى الجهات التي أنتجت الفيلم، داعين في الوقت نفسه العلماء إلى بيان آرائهم الرافضة لخروج فيلم يظهر شخص "الرسول صلى الله عليه وسلم".
يذكر أن الطائفة الشيعية في إيران تجيز تمثيل الأنبياء، وتمثيل شخصياتهم الكريمة في صورٍ وأشخاص من التاريخ المعاصر، فيما سبق لإيران أن جسدت في مسلسلات وأفلام شخصيات أنبياء مثل يوسف وزكريا عليهما السلام، فيما يجري الحديث عن مسلسل ضخم جدًا يجسد حياة النبي موسى عليه السلام، كما أجازت تجسيد "الرسول محمد".
الفيلم المسئ انتشر فيلم مسئ على الرسول في 2012، على "يوتيوب" وتمت ترجمته باللغة العربية، الأمر الذي أثار تظاهرات واسعة وعنيفة في 20 دولة منها مصر وليبيا وتونس، كما يُعتقد أنه السبب في مقتل السفير الأمريكي "كريستوفر ستيفنز" في ليبيا، وهو الحادث الذي استخدمه الحزب الجمهوري على وجود مؤامرة يقودها أوباما، وتعمقت الأزمة مع إصدار فتوى مصرية بإهدار دم المشاركين في الفيلم، وهو الأمر الذي استغلته "جارسيا"، التي سعت إلى استخدام قانون حق المؤلف لحمايتها وإجبار "يوتيوب" على حذفه وحمايتها من التهديدات. الأزهر والمجمع الإسلامي يرفضون
أكد المجمع الفقهي الإسلامي في رابطة العالم الإسلامي على تحريم تجسيد شخصية النبي محمد "صلى الله عليه وسلم"، وسائر الرسل والأنبياء عليهم السلام، ووجوب منع ذلك.
وقال المجمّع في بيان سابق له: "نظرًا لاستمرار بعض شركات الإنتاج السينمائي في إخراج أفلام ومسلسلات تمثل أشخاص الأنبياء والصحابة، فإن المجمع يؤكد على قراره السابق بتحريم إنتاج هذه الأفلام والمسلسلات، وترويجها والدعاية لها واقتنائها ومشاهدتها والإسهام فيها وعرضها في القنوات، لأن ذلك قد يكون مدعاة إلى انتقاصهم والحط من قدرهم وكرامتهم، وذريعة إلى السخرية منهم، والاستهزاء بهم".
وكان شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب قد شدد على حرمة تجسيد شخص النبي محمد "صلى الله عليه وسلم" في أي عمل فني، سواء كان ذلك بالصوت أو الصورة.