أعلنت الصحة السعودية ارتفاع ضحايا تفجير مسجد القطيف إلى 23 شخصا وإصابة 123 آخرين
[size=39]«ذي إيكونوميست»: حمى إراقة الدماء تنتقل إلى المملكة الهادئة[/size]
23-05-2015 الساعة 16:02 | ترجمة الخليج الجديدعلى ما يبدو أن المملكة العربية السعودية باتت أقل حماية وبعدا عن الحروب والعنف الطائفي التي احتدمت في كل ما حولها، ويقصد بذلك العراق وسوريا واليمن. يبدو أنها بالفعل لم تعد بمعزل عن ذلك.
في يوم 22 مايو/أيار 2015 أمس الجمعة، هاجم مفجر انتحاري مسجدا في منطقة القطيف، التي تعد موطنا لما يقرب من 2.8 مليون شيعي (الذين يمثلون تقريبا 10% من سكان المملكة). وأسفر الانفجار عن مقتل 20 شخصا على الأقل بينما كانوا في مسجد الإمام علي، وأصيب العشرات. تنظيم «الدولة الإسلامية»، الذي يهدد الشيعة باستهدافهم أينما كانوا، أعلن تبنيه للعملية. وإذا كان هذا صحيحا، فإنه يشير إلى أن العنف الطائفي المنتشر في شمال المملكة العربية السعودية يحاول مد فروعه في المملكة ككل، انطلاقا من القاعدة التي أعلنتها «الدولة الإسلامية» تحت مسمى «ولاية نجد».
وبعد سيطرة التنظيم على مدينة الرمادي في العراق، ومدينة تدمر في سوريا، التي تعد موطنا لبعض من أروع الآثار القديمة في العالم، فإن تفجير القطيف بالمملكة العربية السعودية يقوي الاعتقاد بأن «الخلافة» التي أعلنتها «الدولة الإسلامية» في طريقها مرة أخرى للتوسع والتمدد.
وحتى الآن لا يوجد وجود فعلي علني للدولة الإسلامية في المملكة، ولكنها ذكرت مرارا أن المملكة هدفًا. في نوفمبر/تشرين الثاني ظهر مقطع فيديو لرجل يزعم أنه «أبو بكر البغدادي»، زعيم التنظيم، دعا خلاله أتباعه إلى «تفجير براكين الجهاد في كل مكان»، وأعلن عن اتساع دائرة «الدولة» لتشمل المملكة العربية السعودية من بين أماكن أخرى.
هذا الهجوم الانتحاري على مسجد هو الأكثر فتكا ضمن موجة الهجمات الأخيرة ضد الأهداف المفضلة للمتطرفين، والتي تشمل قوات الأمن الشيعية والغرباء. وفي نوفمبر/تشرين الثاني، لقي حفنة من الشيعة مصرعهم على يد مسلحين خلال احتفالات عاشوراء، وهي الطقوس الشيعية السنوية للحداد. وقد تم إطلاق النار على أمريكيين ودنماركيين وكنديين، كان بعضها مميتا. وفي إبريل/نيسان عززت الحكومة السعودية من تعزيزاتها الأمنية بعد تلقيها تهديدات لمنشآت النفط ومراكز التسوق.
وسوف يعزز الهجوم على المسجد التوترات الطائفية التي ارتفعت بصورة حادة نتيجة للحرب التي يشنها الملك السعودي الجديد، «سلمان بن عبدالعزيز» ضد المتمردين الحوثيين في اليمن المجاور. ويكاد لا يمر يوم من دون مهاجمة إيران للمملكة العربية السعودية، كما قُتل عدد من السعوديين في هجمات انتقامية عبر الحدود في الآونة الأخيرة، كان آخرها في 21 مايو/أيار.
«ترتد الحرب على اليمن على الشيعة في الداخل السعودي»، على حد قول ناشط شيعي في لندن وأضاف: «لقد أصبحنا هدفا سهلا». وفي الوقت الذي بدأت فيه العائلات الشيعية دفن ذويها، فمن المتوقع أن تخرج تظاهرات شيعية بأعداد كبيرة.
وضع المملكة العربية السعودية هو الأفضل من بين معظم البلدان للتعامل مع التهديدات الأمنية في الداخل. فقد سحق «محمد بن نايف»، وزير الداخلية الذي تم تعيينه مؤخرا وليا للعهد، حملة من قبل ضد تنظيم القاعدة في العقد الماضي، وتعاون بشكل وثيق مع الغرب منذ ذلك الحين.
ويقال إن المملكة استثمرت الملايين من الدولارات في مجال التكنولوجيا لمراقبة صناع المشكلات والمتاعب، والتي جعلت البعض يتهمها بتقييد الحريات والتعبير عن الآراء بشكل ملحوظ. وقد ورد أن الحكومة اعتقلت ما يقرب من 100 شخصا يشتبه بانتمائهم لتنظيم «الدولة الإسلامية» منذ ديسمبر/كانون الاول، وأحبطت عدة مؤامرات إرهابية.
وما زالت العائلة المالكة في المملكة العربية السعودية تتعرض لسيول من الانتقادات لكونها لم تفعل شيئا يذكر لمعالجة الجذور الأساسية لوجهات النظر المتطرفة في البلاد. وقد تم بناء البلاد ووضع أساساتها على العقيدة الوهابية التي تشترك مع أيديولوجية «الدولة الإسلامية» في كثير من أوجه الشبه. تمييز الحكومة ضد الشيعة ربما يكون قد تراجع قليلا في السنوات الأخيرة على عكس السابق، لكن السنة لا يزالون ينظرون بعين الشك والريبة إلى الشيعة من ناحية أن أتباع الأخيرة يحصلون على دعم من إيران ويسعون لزعزعة استقرار المملكة. ويقول الشيعة إنهم يعانون من التمييز في كل شيء وخاصة الوظائف، والالتحاق بالأجهزة الأمنية. وتم القبض على زعماء الشيعة مثل رجل الدين المحلي البارز «نمر النمر»، الذي طالب كثيرا بمزيد من الحقوق للشيعة في المملكة. واندلعت الاحتجاجات عندما أصدرت المحكمة حكما بإعدامه في أخريات العام الماضي.
ويروج اليوم عدد هائل من رجال الدين السعوديين لخطاب معادي للشيعة دون خوف من الاعتقال. وقبل ساعات من التفجير، نقل عن إمام في الرياض قوله في نهاية صلاة الجمعة: «يا الله .. أنزل عقابك على الشيعة في كل مكان .. اللهم زلزل الأرض تحت أقدامهم .. اللهم اقتلهم بددا، ولا تغادر منهم أحدا».
المصدر | ذي إيكونوميست