تقرير: أحدث أساليب التجسس علي المسلمين في أوروبا
2012-01-13 --- 19/2/1433
المختصر / دقات أصابعك على أزرار وحروف لوحة التحكُم فى جهاز الكومبيوتر الشخصى . . ما تحب وما تكره . . من هم أصدقاؤك المُقربون . . متى وأين وكم عدد المُسلمين الذين يستيقظون لصلاة الفجر
. . أمراضك . . أفراحك وأتراحك . . حالتك النفسية . . كل ذلك وغيره الكثير تتم مُراقبته بالصوت والصورة وتسجيله بدقة عن بُعد . . هذا ما يحدُث للمسلمين فى أوروبا عبر احدث أساليب للتجسس تستخدمها أجهزة الاستخبارات الاوروبية مؤخراً ، والتى تكشف الوفد تفاصيلها فى السطور التالية ، وذلك فى انفراد لم تتناوله أى وسيلة إعلامية عربية أو غربية من قبل .
«لم تعد الأعمال الاستخباراتية الان تسير كلها بالشكل التقليدى القديم ، من استخدام للجواسيس وتلقى التقارير بالحبر السرى ، أو أن يسير العميل مُرتدياً المعطف الغامق الطويل وراء شخص ليراقبه، أو يجلس على أريكة فى حديقة ويتجسس من خلف جريدة مثقوبة ، ولا ان يحمل كاميرا تصوير صغيرة الحجم ، يلتقط بها صور البنايات والمُعدات العسكرية ، الأمر الآن تعدى أنماط هذه الأعمال منذ ان بدأت شبكة الإنترنت تنتشر ، ودخلت أجهزة الكومبيوتر مُعظم بيوت العالم ، ودخلت تكنولوجيا الرقائق الالكترونية الى عالمنا ، فانتقلت معها مُعظم أعمال التجسس من الأرض ، لتخترق عقول ونبض الشعوب والأنظمة السياسية لحظة بلحظة، عبر الأثير والأقمار الاصطناعية ، تراقب أنفاس البشر وخلجاتهم على مدار الساعة، الأمر الذى باتت معه حماية الاسرار والحُريات والمعلومات الشخصية للمواطنين امرا مُستحيلا ، خاصة مع تنافس وتواطؤ كل من شركات تصميم برمجيات الكومبيوتر لدخول عالم الجاسوسية ورصد المعلومات ، كل على طريقته ، والجديد فى اوروبا والذى رصدته الوفد من ارض الواقع هو دخول شركات الكهرباء فى عمليات التجسس ، خاصة على المُهاجرين من المُسلمين ، وحتى نكون مُنصفين فإن حدوث التواطؤ يتأرجح بين الخطط المُسبقة للتجسس ورصد المعلومات ، وبين عدم التعمُد من طرف هذه الشركات ، لكن واقع النتيجة النهائية هى ارتكاب أعمال غير مشروعة تمثل خرقاً لقوانين حماية المعلومات الشخصية ، خاصة فيما يتعلق بشريحة بعينها من المُجتمعات الأوروبية واعنى بهم المُسلمين .
فحينما أعلن عدد من شركات توريد الطاقة الكهربائية فى أوروبا عن سياسة تقشف اقتصادية، طلبت من شركات تكنولوجيا المعلومات تصميم برامج يتم دمجها فى عدادات الكهرباء ، بحيث تتم قراءة مُعدلات استهلاك المواطنين عن بُعد ، وكان الهدف المُعلن هو تقليص أعداد الموظفين مُحصلي الفواتير ، لكن هذا المشروع كان بمثابة المكسب الهائل الجديد لأجهزة الاستخبارات ، تمكنت من خلاله بالحصول على المعلومات التى تسجلها برامج عدادات الإنارة ، والاحتفاظ بها وتحليلها ، وذلك على النحو الذى رصدته من خلال تجربتى الشخصية ، فأثناء تواجدى بمنزلى فى هولندا ، اتصلت بى عبر المحمول اكثر من مرة ، شركة توريد طاقة كهربائية ، لتعرض علي ديباجة مزايا الطاقة النظيفة وأهميتها للحفاظ على البيئة ، وضرورة استبدال عداد الانارة الحالى بآخر .
وعددت لى الشركة ميزات منها ان سعر استهلاك الطاقة كهربائية سيكون اقل ، وخدمة قراءة قيمة الاستهلاك ستتم عن بُعد ، دون ازعاجى بموظف القراءة ، مما يقينى دخول شخص غريب لمنزلى، وفى هذا «حماية للحُرية الشخصية وعدم ضرورة تواجدى بالمنزل لقراءة العداد» ، اضافة لحصولى على امتياز اضافى يتمثل فى تخفيض قيمة الفاتورة النهائية التى يتم تحصيلها عن طريق البنك ، منح فترة سماح مجانية لاستهلاك عدد من الكيلوات الكهربائية ، وتحمل الشركة الجديدة قيمة المصاريف الإدارية لرفع العداد وتركيب العداد الذكى الجديد ، وهكذا تعددت الامتيازات ، غير انى لم اهتم بالعرض الجديد نظرا لتكرار سفراتى وانشغالاتى ، لكن بقيت فى ذهنى اسئلة كثيرة عالقة عن هذا العرض السخى والأسرار التى تكمن وراءه ، الى ان تكشفت الاجابة كاملة عبر دراسة سرية حصلت عليها من احد مصادرى ، الدراسة أعدها الهولندى «بوب فلاسكامب»، وهو باحث قوانين حماية الحُرية الشخصية ، وكان بها الاجابة على تساؤلاتى ، حيث كشفت بالادلة احدث أساليب التجسس الأوروبى على المُسلمين عبر عدادات الكهرباء ، اسوة بتجسسها عبر الانترنت .
فقد تبين ان هذه العدادات كان يتم من خلالها رصد تصاعد وهبوط كميات الاستهلاك للأشخاص، وحجم الاستهلاك بما يكشف مدى الرفاهية التى يعيشون فيها أو مدى احتياجاتهم، وبالطبع معيار الرفاهية هو كم الاجهزة والآليات الكهربائية التى تستهلك كميات من الطاقة، وهو مؤشر للدخل المالى او مدى الاحتياج ، والاخطر هو رصد استهلاك الطاقة فى ساعة الفجر ، وهو الوقت الذى يقوم فيه المسلمون للصلاة ، ويتم خلال ذلك تحديد اعداد الاشخاص الذين يستيقظون لصلاة الفجر ، وهو ما يدلل على التزام هؤلاء بالدين الاسلامى او افراطهم فيه ، ومن هنا تلتقط اجهزة الاستخبارات هذه المعلومات ، لتصنف المسلمين ، بين ملتزمين ، وغير ملتزمين ، وطبعا الشق الاول هو ما تخشاه اوروبا ، وتتخوف من تطرفه وجنوحه للتشدُد ضد المُجتمع الاوروبى الذى يعيش بينهم، بهذا يتم رصد اماكن واعداد المسلمين وتصنيفهم الى فئات تكون فى مجملها تحت اعين اجهزة الرقابة الاستخباراتية، ورغم ان الفكرة تبدو ضرباً من الجنون ، ولكن تم تنفيذها بالفعل ، وهو ما كشفته الدراسة ، وتكشفت معه اسرار الترويج للعداد الذكى .
التمائم وأصابع اليو إس بى
ولأن البيانات الشخصية تعد من أهم المعلومات الأساسية لأجهزة الاستخبارات وعُملائهم ، فان تجسس الاستخبارات الاوروبية على المهاجرين عامة والمسلمين خاصة عبر الانترنت تعد من الوسائل الحديثة للتجسس ، فيتم عبر اجهزة الرصد والرقابة الالكترونية على مستخدمى الانترنت ، رصد عدد مرات استخدامهم لمواقع بعينها ، وكيفية استخدامهم ، سلوك وعادات المُستخدم ، العادات الشرائية عبر الانترنت ، الاتصالات او غرف الدردشة او المجموعات التى يشارك فيها المستخدم ، وبتحليل المعلومات يتم التوصل الى ميول الشخص ، ومزاجه ، واهتماماته الشخصية ، وكلها عناصر هامة لمعرفة ابعاد الشخصية ومفاتيحها وكيفية اختراقها او رصد تحركاتها ، او وضعها تحت الاختبار حتى لتجنيديها او استغلالها ، وتجدر الاشارة الى انه نادرا ما يتنبه مُستخدم الانترنت حول استفادة او رصد اجهزة الاستخبارات للمعلومات ، بل ان بعضهم لا يقدرون قيمة المعلومات الموجودة لديهم ، و قدرة الطرف الآخر فى الحصول عليها او مُتابعتها بصورة مستمرة.
كما انه ظهرت فى اوروبا ايضا اساور وتمائم يتم ترويجها بين الشباب ، خاصة من المهاجرين العرب والمسلمين ، والجديد ان بعضاً من هذه الاساور تحتوى على شريحة اليكترونية غير مرئية ، ترسل اشارات بشفرات مُحددة ، يتم من خلالها عملية مُراقبة عشوائية حال مرور من يضعها حول معصمه بالقرب من شبكات كومبيوتر ذكية ، ومن ان يتم التعرف عليها أول مرة حتى يصبح الشخص مراقبًا طوال 24 ساعة ، ويتم تسجيل تحركاته جغرافيا فى قاعدة بيانات متخصصة .
وفى الوقت الذى تتشدق به أنظمة دول العالم الغربى المُتقدم تكنولوجياً حول حُرية وحقوق الإنسان ، نجد مؤسسات اقتصادية وهيئات وشركات بهذه الدول تقوم بأعمال التجسس ، أو التعاون مع اجهزة الاستخبارات طوعاً أو من مُنطلق تبادل المصالح ، بما يتنافى تماماً مع حقوق الإنسان، ويتناقض مع الحُرية الشخصية للمواطن ، حيث تقوم هذه المؤسسات بالحصول على المعلومات الشخصية ، اما عبر تعاملات العملاء معها ، أو عبر استطلاعات الرأى فى منتجاتها مع العملاء، أو غيرها وتوجه هذه المؤسسات اهتمامها الى منطقة الشرق الأوسط ، للحصول على المعلومات عبر شبكة الإنترنت ، ومصر على رأس الدول التى يتم مُراقبتها ومُتابعتها ، وشباب مصر هم شريحة مُستهدفة ، ليس التجسس علي أفكارهم وأنماط حياتهم واهتماماتهم فقط ، بل بث الفتنة والفرقة فيما بينهم ، وتحريضهم أيضاً على ارتكاب كل الأعمال التى تخدم مصالح الغرب قاطبة وإسرائيل بصفة خاصة .
أما اصابع اليو اس بى التى يتم ترويجها باسعار تنافسية هائلة فى اوروبا ، ويتهافت الشباب على اقتنائها للدخول بها الى شبكات الانترنت ، فهذه الاصابع تم استخدامها بصورة حديثة فى اعمال التجسس ورصد المعلومات ، عبر تركيب شريحة أو رقيقة الكترونية دقيقة ، يتم من خلالها التقاط الاشارات ورصد المواقع وكافة الاستخدامات التى يقوم بها الشخص عبر شبكات الانترنت ، وبذلك يتم أيضا رصد اتصالات هذا الشخص وحواراته ورسائلة الالكترونية، وكل ما يتم تداوله من فيدو كول وغيرها من وسائل الاتصال عبر الانترنت، أى يصبح هذا الشخص كتابا مفتوحا امام الاجهزة الاستخباراتية التى تقوم بالرصد عبر التقاط تلك المعلومات ، وهناك أيضاً عُملاء احترافيين فى مجالات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ، يتم تدريبهم على أعمال التجسس عبر شبكة الانترنت ، وتجنيدهم للعمل لحساب اجهزة الاستخبارات الاوروبية ، وتشمل أعمالهم المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية، وتتعدى ذلك لتصل الى مُراقبة أنشطة النقابات العُمالية والمهنية ، وتمتد الى اعمال الأحزاب السياسية.
وبديهى أن تكون شركات الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعى متورطة فى عمليات التجسس وجمع المعلومات حول الاشخاص والشركات ، لان هذه الشركات تجد دوما أصحاب مصالح لديهم استعداد مُستمر لدفع الملايين من الدولارات مُقابل الحصول على هذه المعلومات واستغلالها ، اى ان دائرة او شبكة التجسس العنكبوتية تضم فى سلسلتها أطرافًا مُترابطة المصالح تتمثل فى : شركات مُنتجة لسلعة المعلومات ، ومُشتر دائم لها وهو مُستهلك جيد ، مُنتجات مُتدفقة دائمة ومُتجدده تعد وسيلة للحصول على مزيد من المعلومات ، كما أن هناك جماهير كبيرة جداً فى احتياج دائم لاستخدام الانترنت وتكنولوجيا المعلومات .
وقد اصبح الآن متوافرًا بالاسواق شركات عالمية شهيرة تلبى الاحتياجات الجماهيرية ، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر شركة جوجل google ، ومن يعمل على شاكلتها فى إدارة وتسويق ماكينات البحث على شبكة الانترنت ، وكذلك مواقع التواصل الاجتماعى مثل Facebook الفيس بوك وتويتر ، إضافة لمواقع العلاقات الاجتماعية مثل LinkedIn وغيرها ، وبموجب استغلال تكنولوجيا المعلومات عبر الانترنت ، اصبحت حُرية الإنسان ومعلوماته الشخصية مسرحا لصراعات مُهمة من قبل اجهزة الاستخبارات، وهو الامر الذى تنبهت له جماعات حماية حقوق الانسان فى اوروبا ، والتى بدأت تصرخ للمطالبة بوضع اجراءات تقنية وقانونية لحماية مُستخدم الشبكة العنكبوتية ، ليس فقط معلوماته الشخصية ، بل وحياته التى باتت فريسة لعمليات التجسس ، بجانب تعرض هؤلاء المستخدمين لعمليات التزييف والتزوير والنصب عبر انتحال الشخصية وانتحال صفة مؤسسات، ويقف وراء هذه الجرائم قراصنة الانترنت والمعروفين بـ Hackers ، منهم هواه ومعظمهم أشخاص عاديين تدفعهم غريزة الفضول الشخصى والاهتمامات لقياس مدى قدراتهم وذكائهم فى اختراق موقع بعينها على شبكة الانترنت ، أو الدخول خلسة الى باقة بريد اليكترونى لشركة أو مؤسسة خاصة أو رسمية ، وقراصنة محترفين يعملون لحساب الغير بهدف التجسس الاقتصادى أو السياسى ، لتلبية اهداف امنية او تحقيق منافسة اقتصادية ، أو لفرض نفوذ سياسى لدولة ضد دولة أخرى .
اختراق اخر للمعلومات الشخصية
وإذا كانت عدادات الكهرباء ، واصابع اليو اس بى ، ورصد شبكات الانترنت للمسلمين فى اوروبا من قبل اجهزة الاستخبارات ، تعد طرقًا سرية للتجسس ورصد المعلومات ، فإن اوروبا ايضا ليست بريئة من اختراق المعلومات الشخصية للمسلمين ، وذلك عبر أجهزة المسح الضوئى للجسم فى كافة المطارات الأوروبية ، وهى الاجهزة التى شهدت جدالا قانونيا ومن قبل منظمات حقوق الانسان اكثر من 4 أعوام حتى اقرته اللجنة الأوروبية بجميع المطارات فى اول ديسمبر الماضى، بعد أن كان يستخدم على مستوى البلاد بشكل مُنفرد ، وهو جهاز تستخدم فيه الاشعة تحت الحمراء التى تخترق الملابس والاجساد ، لتظهر الانسان عاريا ، ويجبر المسافر على المرور عبر كابينة خاصة تضم جهاز المسح الضوئى، وأن يقوم برفع الذراعين ، وفتح الساقين حتى يتم تصويره ضوئيا ، و يقوم هذه الجهاز Bodyscanner بتعرية الجسم بالكامل ، بما يمكن موظف أمن المطار من مشاهدة كافة تفاصيل الجسد ، وهو نظام يثير رفض وغضب المسلمين ، خاصة السيدات اللاتى يرين فى هذا النظام كشفًا لعوراتهن ، كما يؤكد الباحثون أن الاشعاعات المنبعثة منها تصيب الانسان بمرض السرطان على المدى الطويل ، ليس ذلك فحسب بل إن قاعدة البيانات تحتفظ بالصور ، ولا توجد ضمانات لمعرفة الى أى جهة ستذهب ، ومن الذى سيستخدمها وفى أى غرض .
وأمام هذه الوسائل الحديثة للتجسس ورصد المعلومات ، اصبحت حرية الانسان ومعلوماته الشخصية بعيدة عن كل ضمانات الحماية، وهو الامر الذى يتطلب سن مواد قانونية لحماية الانسان عامة والمسلمين خاصة فى اوروبا من التجسس واختراق حياتهم الشخصية ، وتحويلهم الى مجرد ملفات ديجتال خاضعة للرقابة لدى اجهزة الاستخبارات
المصدر: أخبار الإسلام