حيفا - نايف زيداني
كشفت معطيات رسمية للجيش الإسرائيلي عن انتحار 240 جندياً إسرائيلياً في العقد الأخير، بمعدل 24 جندياً في كل عام.
يأتي هذا الكشف في أعقاب قيام مدوّن إسرائيلي بنشر معلومات حول وجود تباين بين العدد الحقيقي للجنود المنتحرين مقابل ما يقوم به الجيش بالإعلان عنه، مشيراً إلى أن بين يديه معلومات موثقة تثبت أن عدد المنتحرين أكبر مما هو معلن بالأرقام الرسمية.
وقامت الأجهزة الأمنية الإسرائيلية في الآونة الأخيرة باعتقال المدوّن الإسرائيلي للتحقيق معه حول مصادره، ومنعته من نشر معلومات إضافية حول الموضوع، الأمر الذي طرح تساؤلات عدة في إسرائيل حول العدد الحقيقي للجنود المنتحرين.
ونسبت صحيفة "هآرتس" تصريحات لمصادر عسكرية، جاء فيها أن "عدد الجنود المنتحرين آخذ بالانخفاض في السنوات الأخيرة".
ونشرت الصحيفة معطيات بموجبها أقدم 36 جندياً على الانتحار في العام 2005. في العام 2006 انتحر 28 جندياً. في العام 2007 سجل الجيش انتحار 18 جندياً، لكن العدد ارتفع إلى 22 جندياً في العام 2008، وانخفض إلى 21 في العام 2009، ثم عاد للارتفاع في العام 2010 بتسجيل 27 حالة انتحار، في حين شهد العام الماضي 21 حالة انتحار.
ونوهت الصحيفة بأن الفحص الذي أجرته على حالات انتحار الجنود في الفترة الواقعة بين عام 1990 وعام 2000 يشير إلى معدل 40 جندياً في كل عام.
ويعود انخفاض حالات الانتحار في الجيش الإسرائيلي لأسباب عديدة، على رأسها زيادة عدد الضباط المتخصصين في المجالات النفسية المرافقين لوحدات الجيش المختلفة، والاهتمام أكثر بالإشراف على عمليات توزيع الأسلحة على الجنود الجدد، إضافة إلى تدخل الضباط للحد من ظواهر الانتحار.
وسبق لصحيفة "معاريف" أن أثارت قضية الجنود المنتحرين في العام 2003. وكتبت في حينه أن الإقدام على الانتحار هو المسبب الأول لموت الجنود الغسرائيليين، إذ انتحر في ذلك العام بحسب تقريرها الذي نشرته 43 جندياً (تقرير الجيش يذكر 37) ، وهو رقم تجاوز عدد الجنود الذين قتلوا في نفس العام بعمليات عسكرية أو توفوا لأسباب أخرى.
ويعود التباين في الأرقام للاختلاف بتعريف المنتحر، فبعد كل حالة وفاة يتم تسجيلها في الجيش الإسرائيلي تقوم الشرطة العسكرية بالتحقيق في أسباب الوفاة، ثم تقوم بإرسال المعطيات للتحليل النفسي وبناء على نتائج التحليل تقرر النيابة العسكرية أسباب الوفاة وتعريفها ما إذا كانت انتحاراً أو لا.
وقال مصدر عسكري إن عائلات الجنود المنتحرين تضغط باتجاه عدم الكشف عن انتحار أولادها، وبالتالي يتم استبدال مصطلح انتحار بمصطلح اشتباه بالانتحار، وهذا يحول دون قيام الجيش بنشر معطيات دقيقة حول حالات الانتحار، على حد قوله.
أما البروفيسور آفي بليير، الذي ترأس قسم الصحة النفسية في الجيش مطلع التسعينات، فذكر أن "موضوع الانتحار كان حاضراً دائماً ولم يكن هذا عملاً منتظماً ولكنه كان على شكل موجات في فترات متفاوتة، وكان يتم إقحام عدد كبير من المسؤولين والمتخصصين للحد من الانتحار بشكل اعتبره البعض مبالغاً فيه، حتى كان هناك من صرخ بأن هذا جيش الدفاع عن إسرائيل وليس جيش الدفاع عن منع عمليات الانتحار"