القرضاوي في خطبة الأزهر يدعو المصريين للتصالح ونبذ الخلاف
الجمعة 28 ديسمبر 2012 01:34:43 م
كتب: صبحي عبد الحليم
طالب الشيخ يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، الشعب المصري بالتمسك بالإسلام وتطبيقه، والوحدة والمصالحة، وقال خلال خطبة الجمعة بالجامع الأزهر: "ندعو الأمة الإسلامية في مشارق الأرض ومغاربها وندعو شعب مصر، خاصة الذي ذكره الله في القرآن الكريم، أن يتمسكوا بالإسلام العظيم، حيث جاءنا برسالة كبرى ومبادئ عظيمة وشعارات مثلى علينا أن نهتدي بهداها ونقتبس منها".
ولفت إلى أن من أعظم ما جاءنا به الإسلام هو الإخاء، فعلينا أن نتمسك بالإخوة الإسلامية، وأن يشعر كل منا بأخوة الآخر، ولا يتعالى أحد على أحد فالكل سواسية.
وشدد على أنه لا بد أن يتصالح الجميع، وقال: إن من أعظم الأعمال التي أمر بها الله إصلاح ذات البين، وهو ما شدد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونهى عن الحسد والبغضاء التي قال عنها صلى الله عليه وسلم: البغضاء هي الحالقة التي تحلق الدين".
وأضاف أن القرآن الكريم يريد منا أن نكون جسدا واحدا كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى".
وأوضح القرضاوي أن الإسلام جاءنا برسالة التوحيد، وهي الرسالة التي جاء بها كل الرسل، وتتطلب عبادة الله ورفض الظلم، فالإسلام أمرنا أن نعبد الله وحده كما أمرنا بالإخاء لنكون لحمة واحدة.
وأضاف أن الإخاء الذي جاء به الإسلام هو أن يحب الناس بعضهم بعضا، ولا نريد كلام ألسنة بالمحبة ولكن نريد أن يتحاب الناس بالقلوب، كما جاء في الحديث الصحيح "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه، ويكره له ما يكرهه لنفسه".
وأكد أن ثاني العناصر التي جاء بها الإسلام بعد الإخاء هي الوحدة، فقد جمعنا الدين الحق ورسالة الله وكتابنا القرآن والتوحيد، فعلينا أن نؤمن أننا أسرة واحدة، فالله حذرنا من الفرقة.
ولفت إلى أن الإسلام نهى عن الخلاف والتفرق، فالخلاف في الرأي لا شيء فيه ما دام مبني على رأي أو اجتهاد، لكن أن يتحول الأمر إلى فرقة فهذا منهى عنه؛ لأن الفرقة تؤدي للاقتتال والتنازع، فالرسول صلى الله عليه وسلم قال: "لا تختلفوا فإن من كان قبلكم اختلفوا فهلكوا".
واستطرد قائلا: "لا يجوز للأمة الإسلامية التي يجمعها الله في الصلاة والحج أن تتفرق، فنحن أمة واحدة، ولا بد أن تتوحد لكي تكون الأمة أخوة حقيقية، ولا بد من التعاون والتناصر والتضامن، فبيت مع بيت يكون بلدا، وبلدا مع بلدا يكون قطرا عظيما، ولذلك دعانا الإسلام لأن نكون بعضنا لبعض".
وأضاف قائلا: إن هذا ما ننادي به إخواننا في مصر، فقد كانت بلدا واحدة، وقد تعادى المصريون 60 عاما ثم جاءت ثورة 25 يناير ثورة ميلاد التحرير، فرأينا الناس جميعا يأثرون بعضهم لبعض، فرأينا الليبراليين واليساريين والمسلمين والأقباط والشيوخ والنساء والأطفال والرجال يدا واحدة، فرأينا المصري يحمي أخوه في ميدان التحرير، فما الذي جرى لكم يا أهل مصر حتى يعادي بعضنا بعضا.
وشدد قائلا: "كلنا مؤمنون بالله ولا يوجد في مصر ملحد واحد، فقد يوجد عصاة ولكن لا يوجد ملحدين، ولا تصدقوا فيمن يشككون في الناس، فكل المصريين مؤمنون، وكلهم يعترفون بالله ربا ويؤمنون بالآخرة ورسالات الله، وقال أدعو المسلمين والمسيحيين والأحزاب المؤيدة والمعارة أن يقفوا صفا واحدا؛ حتى لا نترك بلدا تتهدم ونقيمها معركة، فلماذا لا يسع بعضا بعضا، ولا ندع أن هناك ملائكة فكلنا يخطأ.. الإخوان يخطئون والأحزاب تخطئ، ولكن علينا ألا نتشبث بالخطأ ونحاول الإصلاح".
كما دعا الشيخ يوسف القرضاوي، البابا تواضروس بابا الإسكندرية، بأن يدعو المسيحيين أن يصطفوا مع المسلمين لبناء مصر من جديد، فالعملة المصرية تنهار والديون تتكاثر وتنتشر، فنحن نستطيع أن نبني بلدنا والناس مستعدون أن يساعدونا بعشرات المليارات ولكن يشاهدوننا مختلفين.
وقال خلال خطبة الجمعة: "حرام علينا أيها الشباب أن نقيم معركة بعد معركة، ونصطف لنقيم معركة في ذكرى 25 يناير، فعلينا أن نصطف لنتفاهم، فالحوار هو المنهج الصحيح الذي دعا إليه القرآن".
وأضاف أن الليبراليين مؤمنون، فهم ليسوا كفارا ولا ملاحدة، وعلينا أن نحسن التعامل معهم فكلنا أمة واحدة، وأنا في الـ87 من عمري، وأنا راحل بعد أيام، ولكن أدعو أمتي وشعب مصر العظيم أن يتوحدوا ويقفوا لنقود الأمة العربية والإسلامية.
وتساءل: "لماذا كمصريين نتعادى.. ألم نكن شعبا واحدا في ميدان التحرير، فعلينا أن نتعاون، فهناك 20 مليونا من العاطلين يريدون العمل و20 مليوان من الجائعين يريدون أن يأكلوا، فبلدنا بحاجة للعمل، فبالعمل نرفع البلد، فالبلد تريد أن نعمل ولا نقف في الشوارع لنرفع صوتنا، فقد وقفنا عامين نرفع صوتنا، وعلينا ألا نستمع لشياطين الإنس والجن الذين يألبوننا بعضنا على بعض، فعلينا أن ننظر لأمورونا كلها في ضوء المصالح العليا لوطننا، فمصلحة مصر لن تتحقق إلا بإصلاح ذات البين، ويعرض كل منا عن الكبرياء والغرور فدعونا من الغاضبين والحاقدين".
وشدد على أنه لا يجوز استعمال العجلة وعلينا أن نستمسك بالأناة ونصبر، فهناك من يصبر على الباطل فعلينا أن نصبر على الحق من أجل بلدنا ولا يجوز لنا أن نفرط في هذا الوطن.
وقال القرضاوي: "كلنا مخطئون ولكن كلنا نقدر على إصلاح الخطأ بأن نتوب إلى الله، ونقدر اعتراف الرئيس د. مرسي بأنه اعترف بوجود أخطاء، ولكن علينا أن يصلح كل من خطأه ولا يقف بعضنا ضد بعض، فأدعوكم جيمعا كمصريين في مصر وخارجها أن نوفر لبلدنا الكبير العمل والبناء.
واستطرد: "كل من يسمعني عليه مسئولية أن يعمل من أجل بناء مصر، وتستتكمل ما فاتها في عقود كثيرة؛ حتى نحولها إلى بلد من أعظم بلاد الله وهي قادرة على هذا، فلديها من الإمكانيات ما تستطيع أن تكون بلد عظيما.