موعد مع الرئيس - مقال مهم يبين التواطؤ الواضح داخل قصر الرئاسة
Written By Ezz Alex on 07 يناير 2013 | 11:17 م
محمد صلاح
الإثنين ٧ يناير ٢٠١٣
أكثر ما يزعج الإعلاميون والصحافيون المبالغة في الإجراءات الأمنية التي تحيط الشخصيات المهمة وخصوصاً بالطبع الرؤساء والحكام صناع الأخبار والأحداث، ولذلك حين ظهر أن على الجانب الآخر من الهاتف موظفاً رئاسياً ينقل دعوة الرئيس محمد مرسي للقاء في المساء مع أعضاء «منتدى الإعلام العربي» فإن الشعور بالامتنان للدعوة اختلط بالمخاوف من تعقيد إجراءات دخول القصر الرئاسي في ظروف يخضع لها القصر نفسه لحصار المحتجين والمعتصمين حوله، وكذلك هاجس الانفلات الأمني، وأيضاً ما تعانيه المنطقة المحيطة بالقصر في حي مصر الجديدة من ارتباك مروري وازحام نتيجة الحواجز الخرسانية.
كان من المهم سؤال المتحدث عن أفضل أسلوب للوصول إلى القصر، فجاءت المفاجأة أن الطريق الوحيد والمأمون هو من الشارع الذي يقع فيه منزل الرئيس السابق حسني مبارك! نعم تبين أن الرئيس مرسي يمر كل يوم، لأكثر من شهر ونصف الشهر، في دخوله إلى القصر وخروجه منه أمام منزل مبارك حيث الطريق الوحيد الذي يصل القصر بشارع صلاح سالم الشهير ومنه إلى أي جهة أخرى. هي الوجوه نفسها تقريباً من ضباط وجنود الحرس الجمهوري عند مدخل الشارع وعلى جانبيه وحتى الوصول إلى «باب 5» للقصر الموجود في شارع جانبي. عند «باب 5» يقف موظفو المراسم وضباط شرطة الرئاسة وكذلك رجال الحرس الجمهوري. تأكد أحدهم من وجود الاسم في كشف المدعوين واتجه إلى السيارة الأخرى في الخلف، بينما كان جندي يطوف حول السيارة مع كلب بوليسي يفترض أن يكشف بحاسة شمه القوية ما إذا كان في السيارة ما يهدد الأمن. وفي الحقيقة تشعر بأن الإجراء شكلي وغير جدي، والمدهش أن أحداً من الوقوف لم يدلك من نفسه على الطريق الذي يفترض أن تسلكه حتى تصل إلى القاعة التي سيجتمع فيها الرئيس مع المدعوين، فتضطر إلى أن تسأل حتى لا تضيع بين شوارع القصر ودروبه فيصف لك أحدهم: «امشي على طول وسيب أول شمال وأدخل في التاني وهناك هتلاقي سلم كبير اركن العربية واطلع»!. قبل أن تصل إلى «السلم» بعد تجاوزك «باب 5» تتأكد أن الفوضى تضرب المكان: عشرات من الضباط والجنود يقفون في مجموعات يتسامرون، وواحد يجلس في الحديقة الموازية للقصر، وآخر يدخن سيجارته وينفخ في الهواء، وعشرات السيارات والشاحنات والمدرعات متناثرة في شوارع القصر وساحاته دون نظام أو ترتيب أو داع. وعندما تصل إلى حيث السلم لا تجد من يدلك على المكان الذي يفترض أن تضع فيه السيارة فتجتهد و»تركنها» في جوار مدرعة واقفة خلف سور القصر.
يهبط من السيارة فلا تجد من يخبرك عن الاتجاه إلى الداخل، لكن طالما هناك سلم فلتصعد لتجد ضابطاً وموظفاً من التشريفات في يده لائحة بالمدعوين فيدون أنك حضرت دون أن يطلب منك إبراز هويتك ليتأكد أنك الشخص المقصود!
في الداخل تتأكد أن غالبية الوجوه من الموظفين هم أنفسهم الذين كنت تطالعهم وتتعاطى معهم في ظرف تاريخي آخر. ويقودك أحدهم إلى صالون للاستقبال فتنتظر فيه مع باقي المدعوين وتجلس ملتزماً بالضوابط التي تعتقد أنها ملزمة للجميع، لكن تندهش عندما تجد أن واحداً من المدعوين يبدو متعوداً على المكان يشعل سيجارته ويجول في الصالون ثم يخرج من الباب «يتمشى» في الطرقات ثم يعود، وهكذا غيره، حتى جاء موظف الرئاسة يقود الجميع إلى حيث القاعة التي ستجمعهم بالرئيس، فيجلس كل منهم في المقعد المخصص ويكتشف الموظفون أن عدد المقاعد أكبر من الحضور فيرفعون بعضها.
يفتح الباب الرئيسي ليدخل منه أحد موظفي الرئاسة ليعلن في صوت هادئ: «السيد رئيس الجمهورية»، فيدخل الرئيس ويحيي الحضور ويبدأ اللقاء الذي نُشرت تفاصيله في صحف اليوم التالي.
يتحدث «الإخوان» عن دولة عميقة تقاوم حكمهم وكلما ظهر تقصير في أداء بعض مؤسسات الدولة سارعوا إلى إلقاء اللوم على النظام السابق وأتباعه، وإذا ما ارتفعت حدة الانتقاد فإن حديث المؤامرة على الحكم يطل. وفي المقابل فإن المعارضة تتكلم عن فشل أو تقصير أو «أخونة» لمؤسسات الدولة «وسعي من الحكم لتحقيق مصلحة الجماعة على حساب مصلحة الوطن». وبعيداً من صراع الحكم ومعارضيه فإن «أحوال القصر لا تخص فقط الرئيس، وحتى إذا كان الأمر «لا يفرق معه» فإن المسألة تتجاوز هيبة الدولة إلى سلامتها، فالاختراق لم يعد صعباً.
معارضة مرسي وحزبه وجماعته أمر بديهي وطبيعي وقد يكون واجباً لدى البعض. لكن التغاضي عن حمايته شر قد يتسبب في دخول البلاد أتون حرب أهلية حقيقية. فموكب الرئيس رغم كثرة سياراته يبدو عشوائياً والقائمون على قصر الرئيس لا يأخذون الأمر جدياً.