المستشار أحمد مكي يحذر من تدخل الجيش في الحياة السياسية
* مكافحة الإرهاب في الداخل ليس من مهمات الجيوش بل وظيفة أجهزة الشرطة
* القضاء أداة في يد السلطة منذ عهد فاروق وعبد الناصر والسادات ومبارك حتى السيسي
* عبد الناصر ارتكب "مذبحة القضاء" ..والسادات ومبارك اشتريا القضاة بالرشاوى
* "مرسي" لم يتدخل في القضاء من قريب أو بعيد..وأجهزة في الدولة كانت "خارج سيطرته"
* الجيش غير قادر على إدارة شؤون البلاد،،وحكم مصر ليس غنيمة إنما عبء ثقيل
* من يقول إن الإخوان فشلوا في الحكم فهل نجحوا هم..وهل تم تقديم بديل مناسب ؟
* من استولوا على الحكم في 3 يوليو لم يقدموا بديلا ولا حلولا ولم يتفقوا على برنامج
حذر المستشار أحمد مكي وزير العدل الأسبق في عهد الرئيس محمد مرسي من سيطرة الأجهزة الأمنية على السلطة القضائية في مصر، مؤكداً خطورة الأمر على مصداقية القضاء وجهاز العدالة في مصر.
واستنكر "مكي"، وهو قائد تيار استقلال القضاء إبان عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك وأبرز معارضيه في حواره مع "عربي21"، قول وزير داخلية نظام عبد الفتاح السيسي اللواء محمد إبراهيم "إن هذا هو العصر الذهبي للتنسيق الكامل بين الشرطة والجيش والقضاء"، رافضاً استخدام الجيش والقضاء استخداماً أمنياً.
وأوضح المستشار أحمد مكي خطورة ذلك على القضاء، وقال إنها تتمثل في مصادرة الأمل في العدل، وأن "يصبح حظه في الثقة بالقضاء مثل حظ الشرطة قبل ثورة يناير"، مضيفاً: "عندما يتحمل الجيش حماية الأمن في الداخل، فأنت تقحمه في الحياة السياسة، وهذا خطر على وحدة الجيش"، وقال: "ليس هناك أخطر على سلاح العسكري المصري من تلويثه بدماء أخيه المصري"، مشيرا إلى أن الرصيد الأكبر للجيش المصري الذي اكتسبه في حرب 1973 يتآكل، وقال: "الآن يتم استخدام هذا الرصيد في غير مكانه، ومكافحة الإرهاب في الداخل ليست مهمة الجيوش، بل مهمة الشرطة".
أداة في يد السلطة
وقال وزير العدل الأسبق إن القضاء في العالم الثالث أداة في يد السلطة، ويستخدم إما لتحقيق العدل أو الظلم، وأضاف: "لا أعتقد أن القضاء سلطة مستقلة خاصة في بلاد العالم الثالث، وهو خاضع للسلطة التنفيذية تستخدمه في قمع معارضيها وحماية مؤيديها"، مشيراً إلى أن القضاء في الدول المتقدمة تحميه مؤسسات شعبية من تغول السلطة التنفيذية، "وجميع دول العالم الثالث بما فيها مصر، القضاء فيها أداة في يد السلطة، وهذا واضح منذ عهد الملك وعبد الناصر والسادات ومبارك، مرورا بالمجلس العسكري ثم ما بعد 3 يوليو".
عبد الناصر ومذبحة القضاء!
وتناول "مكي" تاريخ التحكم في القضاء المصري في ظل الأنظمة المتعاقبة منذ 23 يوليو 1952، وقال إن عبد الناصر لجأ إلى خلق ما يسمى بـ"المحاكم الثورية والشعبية" لتصفية خصومه، وقام بتشكيل تنظيم سري داخل القضاء بقيادة محمد أنور السادات، ولم يلجأ عبد الناصر الى الرشاوى والإغراءات، بل لجأ الى المذبحة القضائية المعروفة في أواخر الستينيات.
السادات ومبارك.. والرشاوى
وأضاف "مكي" أن الرئيس الأسبق محمد أنور السادات عمل خلال فترة حكمه على استمالة القضاء والسيطرة عليه من خلال "ما يسمى بخلق المنافع للقضاة، مثل الندب للمصالح الحكومية والمكافآت، والتي تزايدت في عهد مبارك، حيث تم السيطرة على القضاة بالإغراء من خلال ذلك".
25 يناير ويد العسكر
وقال المستشار أحمد مكي: لقد اتسمت فترة ما بعد ثورة 25 يناير، بالاستقلالية فيما يتعلق بالقضاء إلى حد كبير، مع كمون القوة الأمنية داخل تلك المؤسسة بسبب التغييرات التي حدثت ، وأضاف قائلا: "ظل القضاء في منأى عن يد المجلس العسكري، وكان القضاء إلى حد كبير يتمتع بقدر من الاستقلال، ولكن التنظيمات الموجودة داخل القضاء كانت تسيطر على الدعاوى وتحركها".
الرئيس مرسي واستقلالية القضاء
وحول طريقة تعامل الرئيس محمد مرسي مع القضاء، قال المستشار أحمد مكي إن "الرئيس محمد مرسي لم يكن له أي سلطان على أية أجهزة في الدولة، بما فيها جهاز القضاء، وكان هناك توهم أننا في السلطة ونحكم، والأمر غير كذلك، ولم يكن هناك تدخل في القضاء في تلك الفترة من قريب أو بعيد".
إنقلاب 3 يوليو
وحول وضع القضاء عقب الانقلاب العسكري في 3 يوليو قال المستشار أحمد مكي: "بعد انقلاب 3 يوليو سيطرت الأجهزة الأمنية، التي لها امتدادها في جميع الأجهزة بما فيها المؤسسة القضائية"، مستنكراً إصدار أحكام بالإعدام على المئات، واستمرار اعتقال آلاف من المعارضين في السجون، معتبراً أن ذهاب الثقة العامة في القضاء أكبر كارثة في مصر.
وهْم اقتراب حلول الذكرى الرابعة لثورة 25 يناير
قال وزير العدل الأسبق المستشار أحمد مكي: "إن الثورة لم تحقق شيئاً من مطالبها"، وأضاف: "كل ما تحقق هو إزاحة رأس النظام القائم في عهد مبارك، وكان نظاما فاسدا، غير صالح للاستمرار، ومازلنا واقفين حيث كنا، بل فقدنا قدراً من الاستقرار الذي كان موجوداً في النظام الفاسد وأصبحنا في اللانظام".
تطهير القضاء والشرطة
وأشار المستشار مكي إلى أن "الثورة ينبغي أن يعقبها إصلاح، وفشلنا في الاتفاق على برامج وطنيه، وما تم رفعه كان مجرد شعارات مثل تطهير القضاء والشرطة، وإعادة هيكلتهما، فقد كانت مجرد أحاديث دون تنفيذ، او خطة واضحة، ومضى كل شيء على حاله وطبيعته دون تغيير".
وأعرب مكي عن أمله في "أن يقتنع الجيش أنه غير قادر على إدارة شؤون البلاد؛ فحكم مصر ليس غنيمة، إنما عبء، سواء تولاها الجيش أو الإخوان أو اليبراليون"، مشيراً إلى أن الفشل يصيب الكل، وتابع: "من يقول أن الإخوان فشلوا فهل نجحوا هم، وهل تم تقديم بديل مناسب، وليس هناك أسهل من الحديث عن الفشل، والسؤال هنا: كيف ننجح؟، فهم لم يقدموا بديلاً، ولم يقدموا حلولا أو يتفقوا على برنامج أو سياسة واضحة".
وجود الجيش في السلطة يمزقه
وانتقد المستشار مكي انخراط الجيش بالسياسة، وقال: "أريد أن يعرف الجيش أن وجوده في السلطة خطر عليه وسوف يمزقه، لأن هذا من طبيعة السياسة، وسوف يخصم ذلك من رصيده ومن قوته القتالية التي بنى عليها مجده، فلا يمكن الجمع بين حماية المنشآت والقتال وبناء البلد في آن واحد".
ودعا مكي في ختام حواره مع "عربي21" إلى استيعاب البعض لبعضهم الآخر، وقال: "نحن حديثي عهد بالديمقراطية وإدارة أمورنا بأنفسنا، ويجب أن نتطلع إلى تجارب الدول التي سبقتنا ونستعير منها ما يناسبنا، ونضيف عليها، ونحن متخلفون عن الركب، وعلينا أن نبني أصول الثقة بين الناس جميعا، فكل فئة تأتي تلعن أختها، وبهذا لن ينصلح حال البلاد".