السيادة العـربية في الأحواز في عهد امارة الأحواز 1832 - 1925
وعندما قررت بريطانيا غزو العراق ابان الحرب العالمية الاولى رأت أن تستميل الى جانبها شيوخ الامارات المحليه القائمه على ضفاف الخليج العربي لتؤمن مواصلاتها عبر الخليج الى الهند فأوعدتهم بتعهدات للمحافظة على أوضاعهم الراهنة وضمان حريتهم واعلانهم شيوخا مستقلين تحت الحماية البريطانية فرضي أمراء العرب بهذه التعهدات وحصلت صداقة بين بريطانيا وبين البارزين من الامراء كالشيخ خزعل أمير الأحواز وشيخ الكويت .
ولما اندلعت الحرب العالميه الاولى وأصبحت الدولة العثمانية في الجانب المضاد لبريطانيا صدرت الاوامر بارسال قوات بريطانية الى عبادان ( احدى مدن الأحواز ) وقد اعطيت في حينها مبررات لتلك الحملة منها صيانة النفط في الأحواز من أجل الاستهلاك البريطاني.. وقد اشترك الشيخ خزعل مع البريطانيين في الحرب لطرد الاتراك من البصرة وبذلك توفير الامان لامارة الأحواز والتحقت السفن البريطانية الموجودة في نهر كارون بالحملة البريطانية وتم الاتصال بالمحمرة وقد كان الشيخ خزعل في جميع مراحل الاحتلال عونا للانجليز في حربهم في المنطقة .
كان الشيخ خزعل من جملة المرشحين للملوكيه على عرش العراق ولكن رأى الشيخ خزعل ان الدبلوماسية الانكليزية غير متحمسة لترشيحةعندما طلب منه المستر بيل سكرتير الشؤون الشرقيه في دار الاعتماد البريطانية في بغداد بالكف عن الخوض في مثل هذا الامر ليفسح المجال أمام الامير فيصل للفوز بالعرش .. ومن جهة ثانية لا تريد بريطانيا فوز الشيخ خزعل لان هذا معناه قيام وحدة طبيعية بين الاحواز والعراق حيث قد يترتب على ذلك مشاكل سياسية معقدة.. وقد تنازل الشيخ خزعل عن ترشيحه لعرش العراق للأمير فيصل
وليس بخاف على أحد أن شخصية الشيخ خزعل التى انضوت تحت سلطته قوة العرب في
المنطقة تلك القوة التي تمثل تيار القوميه التى تعاديها الرجعيه الفارسية منذ ازدهار الدولة العربية في الاسلام لاسيما وأن الشيخ خزعل قد بدأ شأنه في الصعود بعد ترشيحه لعرش العراق ودخوله في معاهدات مع بريطانيا وأصبحت له مكانه مرموقه في العلاقات الدوليه في المنطقة ومقابل هذا أخذ رضا خان يفكر ويخطط كيف يمكنه القضاء على الشيخ خزعل وجاء هذا في مذكرات رضا شاه نفسه عندما يقول ( من الضروري القضاء على أمير عـربستان الذي استمر أعوام طويلة يعيش أميرا مستقلا داخل حدود امارته ويسانده الاجانب مساندة تامه في أعماله وليس لحكومة طهران أي سلطة عليه ).
وفي عام 1921م أصبح رضا خان قائدا عاما للقوات المسلحة بعد ان أطاح بوزارة السيد ضياء الدين الطباطبائي ثم رئيسا للوزراء وفي عام 1925م تنصب ملكا على فارس .
وهنا غير رضا خان سياسته تجاه روسيا وتحسنت العلاقات بين موسكو وطهران .. خصوصا وان السوفيت فوجئوا مفاجئة سارة عندما تولى رضا خان الحكم في فارس لاعتقادهم بأنه يرأس حركة وطنية ثورية وعلى اعتبار بأن انقلابه هذا حدث تاريخي يدشن بداية عهد جديد كما خيل لهم أن الدكتاتورية العسكريه ستكون مرحلة انتقالية نحو نظام جمهوري وقد تمخضت العلاقات الحسنة بينهما الى ابرام معاهدة عام 1921م التي اعترفت باستقلال فارس التام وتنازلت روسيا عن كل ما لديها من المقاطعات الفارسية كما تنازلت عن جميع الديون التي كانت لها على فارس .. وبهذا ارادت روسيا أن يبقى الجو صافيا لها لكي يمكنها الوصول الى المياه الدافئة في الخليج العربي للقضاء على نفوذ بريطانيا الاستعمارية ومصالحها البترولية والتجارية في المنطقة .
فوجدت بريطانيا من مصلحتها وحكمة سياستها أن تستمر في شد أزر رضا شاه ليتمكن من الوقوف أمام التيار الشيوعي من جهه ومن أجل بسط سيطرتها على سياسة فارس سيطرة تضمن لها استمرار وحفظ مصالحها في فارس وفي الخليج العربي .
فانتهز رضا خان هذا الاتجاه من بريطانيا وطلب منها ان تتخلى عن حماية امارة الأحواز وعن أميرها ليمكنه احتلال الاحواز عسكريا وضمه الى مملكته فاستجابت له بريطانيا ومهدت له القضاء على الحكم العربي في الأحواز حيث سهلت له القضاء على الشيخ خزعل في 20-4-1925م .
ولما علم الشيخ خزعل أن رضا خان ينوي مناهضة حكمه أخذ يعد العدة للوقوف بوجه الخطر الداهم وكان يطمح من الانجليز بالايفاء بتعهداتهم لحمايته وتقديم المساعدات العسكرية له .. فهنا نقضت بريطانيا عهدها مع الشيخ خزعل ولم تحرك ساكنا لنجدته ولعبت دورا دبلوماسيا ضده حين مهدت سبل المفاوضات بين الشيخ خزعل والحكومه الفارسية من جهه وحشد الجيوش الفارسية على حدود القطر من جهه اخرى .
وعندما وصل الجنرال زاهدي الى المحمرة لحل الخلافات حلا سلميا وعن طريق التفاوض مع الشيخ خزعل . وقد لعب الجنرال زاهدى دورا دبلوماسيا وعن طريق التفاوض مع الشيخ خزعل . وقد لعب الجنرال زاهدي دورا دبلوماسيا موفقا الى أن تحين نقطة الصفر لاختطاف الشيخ خزعل بالسفر معه الى طهران فلم يوافق الشيخ خزعل على السفر عندئذ طلب الجنرال زاهدي اقامة حفلة ساهرة لوداعه فرفض الشيخ خزعل طلبه في بداية الامر ولكن تدخلت بريطانيا بألحاح وطمئنة الشيخ خزعل بالامر( من اسباب رفض الشيخ خزعل الحفل لاعتقاده لايجوز اقامة هذا الحفل في شهر رمضان - لانه شهر للعبادة والصلاة وليس للحفلات ) فلبى الشيخ خزعل الطلب وأوعز الى ابنه عبد الحميد ( ولي العهد الأحوازي ) بالحضور من البصرة ليهيء لتلك الحفلة كل ما لذ وطاب والتي اعتبرها حفلة النصر فاقامها في يخته الخاص الراسي في شط العرب مقابل قصره في الفيلية لكي لا يشيع خبرها ولم يدع لها سوى أبنائه عبد الحميد وعبدالله وعبد المجيد وأحد أقربائه يدعى موسى الشيخ يوسف وسكرتيره الخاص عبد الصمد وذلك احتراما لليلة السابع والعشرين من شهر رمضان التي اقيمت فيها الحفلة وبعد أن عرضت بعض الرقصات واستمتعوا الى جانب من الغناء وحيث أرخى الليل سدوله صعدت شلة من الجيش الفارسي التي كانت ترافق الجنرال زاهدي الى الباخرة وعلى رأسهم المدعو مصطفى خان وقطعوا على الشيخ خزعل نشوته وألقوا القبض عليه وعلى ابنه عبد الحميد وسيقوا من الفيلية الى المحمرة ومنها الى الاحواز ليلا ، وفي اليوم التالى أرسلوا الى طهران وفي حينها دخلت الجيوش الفارسيه الأحواز واحتلتها احتلالا عسكريا وسيطرت على زمام الامور في جميع أنحاء الامارة .
عـبد الصمد رئيس سكرتارية أمارة الأحواز في عهد الشيخ خزعـل أمير الأحواز