الخضر حسين ، محمد
(1293 – 1377هـ/ 1876 – 1958)
إسمه : محمد الخضر بن حسين بن علي بن عمر الحسني التونسي
ولد بمدينة نفطة بجمهورية تونس سنة 1293 هـ 16-8-1876م
أسرة أبيه عريقة تعود في الأصل إلى البيت العمري في بلدة (طولقة) جنوب الجزائر،
قيل من المرجح أن أسرته تنتمي إلى أسرة الأدارسة التي حكمت المغرب فترة من الزمان
هاجرأبوه إلى (نفطة) من بلاد الجريد بتونس بصحبة صهره (مصطفى بن عزوز) حـيــنـمـا دخل الاستعمار الفرنسي الجزائر
، ومما يدل على عراقة أسرته في العلم أن منها جده (مصطفى بن عزوز) وأبو جده لأمه (محمد بن عزوز)، وخاله (محمد المكي) كلهم من كـبـار الـعـلـماء.
رحل أبوه إلى مدينة تونس 1305هـ
حفظ محمد الخضر حسين القرآن الكريم في طفولته
كما لقنته والدته مع إخوانه (الكفراوي) في النحو و (السفطي) في الفقه المالكي
ثم التحق بجامعة الزيتونة 1307هـ 1889م؛وتعلم من الشيخين عمر بن الشيخ، ومحمد النجار وكانا يدرّسان تفسير القرآن الكريم، ومن الشيخ سالم بوحاجب وكان يدرس صحيح البخاري، وقد تأثر به الخضر الحسين وبطريقته في التدريس.
وفي عام 1316 نال شهادة (التطويع) التي تخول حاملها إلقاء الدروس في الزيتونة تطوعاً وكانت هذه الطريقة درباً للظفر بالمناصب العلمية وميداناً للتدرب على مهنة الدعوة و التعليم
وفي عام 1321هـ 1903م نال شهادة العالميةمن جامع الزيتونة
وفي نفس السنة 1321 هـ تولى التدريس مدرساً بجامع الزيتونة فى الزيتونة
ولما كان واسع الأفق، فصيح العبارة، محبًا للإصلاح أنشأ مجلة السعادة العظمى سنة 1321هـ لتنشر محاسن الإسلام وشرائعه، ولتوقظ الغافلين وتفضح أساليب المستعمرين
لذا بعد مضي عام واحد فقط على صدورها أغلقها المستعمر الفرنسي حينما تعرض لهجومها عام 1322 هـ
ثم ولى الشيخ قضاء بنزرت بتونس عام 1324هـ 1905م إلى جانب قيامه بالتدريس والخطابة بجامعها الكبير
ألقى في نادي (قدماء خريجي مدرسة الصادقية) عام 1324 محاضرته (الحرية في الإسلام) والتي قال فيها :
(إن الأمة التي بليت بأفراد متوحشة تجوس خلالها ، أو حكومة جائرة تسوقها بسوط الاستبداد هي الأمة التي نصفها بصفة الاستعباد وننفي عنها لقب الحرية) .
ثم بيّن حقيقتي الشورى والمساواة ، ثم تحدث عن حق الناس في حفظ الأموال والأعراض والدماء والدين وخطاب الأمراء . ثم بيّن الآثار السيئة للاستبداد
ولما قامت الحرب الطرابلسية بين الدولة العثمانية وإيطاليا، وقف إلى جانب دولة الخلافة، ودعا الناس إلي مساندتها
ثم استقال من القضاء وعاد إلى الزيتونة للتدريس بجامع الزيتونة ثانية
وفى سنة 1325هـ اشترك فى تأسيس الجمعية الزيتونية
فى سنة 1326هـ عين مدرسا بالمدرسة الصادقية الثانوية وكانت المدرسة الثانوية الوحيدة فى القطر التونسى
، وحين حاولت الحكومة القائمة تكليفه بالعمل في محكمة فرنسية رفض ، وبدأ الاستعمار الفرنسي يضيّق عليه ويتهمه ببث روح العداء له
وفي عام 1329 وجهت إليه تهمة بث العداء للغرب وتسببه في اضرابات الطلاب و اشتباكات بين المواطنين والمستعمرين الفرنسيين فاضطر الشيخ محمد الخضر الحسين إلى مغادرة البلاد سنة (1329هـ= 1910م) واتجه إلى إستانبول خصوصاً وأنه من أنصار (الجامعة الإسلامية) الذين يؤمنون بخدمة الإسلام خدمة لا تضيق بها حدود الأوطان
ولم يمكث بها طويلاً، فعاد إلى تونس ظانًا أن الأمور قد هدأت بها، لكنه أصيب بالضيق فففكر الهجرة منها نهائيًّا فرارًا بدينه وحُريَّته وقرَّر الرحيل إلي سوريا
وصل دمشق عام 1330 مع أسرته ومن ضمنها أخواه العالمان المكي وزين العابدين ،وكانت الأمة السورية تطالب الحكومة العثمانية بإعطاء اللغة العربية حقها من التعليم في المدارس الرسمية فعين الشيخ (محمد الخضر حسين) مدرساً للغة العربية بالمدرسة السلطانية بدمشق سنة 1331هـ 1912م، وألقى في جامع بني أمية دروساً قدّره العلماء عليها، وتوثقت بينه وبين علماء الشام الصلة وبخاصة الشيخ البيطار، والشيخ القاسمي
ولما كانت آنذاك سكة حديد الحجازموجودة و سالكة إلى المدينة المنورةفقد سافر للحجاز بالقطار و زار المسجد النبوي عام 1331هـ
ثم شـده الحـنـيـن إلى تـونـس ، فزارها ومنها سافر إلى استانبول 1331هـ
ثم عاد إلى تونس في عام 1332 هـ فكان من أعضاء لجنة التاريخ التونسي
ثم سافر إلى إستانبول، واتصل بأنور باشا وزير الحربية، فاختاره محررًا عربيًا بوزارة الحربية
ثم بعثه إلى برلين في مهمة رسمية، فقضى بها تسعة أشهر أتقن فيها اللغة الألمانية
ولما عاد الي استانبول وجد خاله الشيخ محمد المكي بن عزوز قد توفي قبل عودته بشهرين، فضاقت به استانبول ولم يبقي طويلا وعاد إلى دمشق ، فاعتقله التركي حاكم الشام (أحمد جمال باشا) وكان طاغية في رمضان عام 1334هـ 1915م بتهمة علمه وتستره علي الحركات السرية المعادية للأتراك!
ودخل الشيخ السجن في سوريا سنة وأربعة أشهر ثم أطلق سراحه وتمت تبرئة ساحته من التهمة
وبعد الإفراج عنه عاد إلى إستانبول، فما كاد يستقر بها حتى أوفده أنور باشا مرة أخرى إلى ألمانيا سنة (1335هـ= 1916م)، وهناك التقى بزعماء الحركات الإسلامية من أمثال: عبد العزيز جاويش، ود.عبد الحميد سعيد، و د.أحمد فؤاد
ثم في سنة 1335هـ عاد إلى إستانبول، ثم عاد إلى دمشق حيث عاد إلى التدريس بالمدرسة السلطانية، ودرّس لطلبته كتاب "مغنى اللبيب عن كتب الأعاريب" لابن هشام النحوي المعروف،
وتولى التدريس بثلاثة معاهد هي : (المدرسة السلطانية - المدرسة العسكرية - المدرسة العثمانية)
كان يرجع في تقرير المسائل المتصلة بالسماع والقياس إلى الأصول المقررة والمستنبطة، فاقترح عليه بعض النابهين من الطلبة جمع هذه الأصول المتفرقة فألَّف بَحْثًا مُفَصَّلاً في حقيقة القياس وشروطه ومواقفه وأحكامه، وكان هذا البحث أساس الكتاب الذي ألفه في مصر ونال به عضوية جماعة كبار العلماء.
وفي سنة 1337هـ ذهب إلى الآستانة وكانت الحرب العالمية الأولى في نهايتها والدولة مؤذنة بالزوال، فتوجه إلى ألمانيا مرة ثالثة وقضى هناك سبعة أشهر، ثم عاد منها إلى دمشق مباشرة، وحين عاد صادف دخول الجيش العربي بقيادة فيصل بن الحسين، وكانت الأوضاع غير مستقرة، وكان الشيخ قد سئم كثرة الأسفار وعدم الاستقرار
ثم وقعت كارثة الاحتلال الفرنسي لسوريا، الذي أصدر ضده حكماً غيابياً بالإعدام لما قام به ضد فرنسا من نشاطات في رحلاته لأوربا - فقرر الفرار من سوريا قبل أن يتعرض للاعتقال وشرع في الترحال إلي مصر سنة (1339هـ= 1920م)، فلما وصلها نزل في القاهرة واشتغل بالبحث وكتابة ثم عمل محررًا بالقسم الأدبي في (دار الكتب) واتصل بأعلام الاسلام في مصر وتوثقت علاقته بهم
وتقدَّم لامتحان شهادة العالمية بالأزهر، وعقدت له لجنة الامتحان سنة 1339 هـ برئاسة الشيخ العالم/ عبد المجيد اللبان مع نخبة من علماء الأزهر فأدهش الممتحنين بتبحره وسعة محفوظاته عند الإجابة مع قوة في الحجة، فمنحته اللجنة شهادة العالمية، وبلغ من إعجاب رئيس اللجنة به أن قال لمن حوله "هذا بحٌر لا ساحل له، فكيف نقف معه في حِجاج".
وفي سنة 1340هـ ألَّف رسالته القيمة (الخيال في الشعر العربي)،
استمر مُحَرِّرًا بالقسم الأدبي في دار الكتب المصرية عدة سنوات، ثم تَجَنَّس بالجنسية المصرية،
في سنة 1342هـ أسس جمعية (تعاون جاليات إفريقيا الشمالية)، وسنَّ لها قانونًا طبعه صديقه السيد (محب الدين الخطي)ب، وكان دائب الحركة يدرس ويدرِّس ويُحَاضر، ويكتب للصحف والمجلات ويشترك في الجمعيات والأندية، وكان يرى نهضة الأمة الإسلامية مرتبطة بالدراسات العلمية والإنتاج الصناعي،
وفي سنة 1343هـ مرض مرضًا شديدًا
، وفي عام 1344هـ 1926م كتب محمد الخضر حسين كتابه "نقض (كتاب الإسلام وأصول الحكم)لعلي عبد الرازق" رد فيه على كتاب الشيخ (علي عبد الرزاق) صديق الانجليز الذي أثار ضجة كبيرة بمصر فانبرت الأقلام بين هجوم عليه ودفاع عنه، وقد صدم الرأي العام بزعمه أن الإسلام ليس دين حكم، وأنكر وجوب قيام الخلافة الإسلامية، ونفى وجود دليل عليها من الكتاب والسنة، وكانت الصدمة للجمهور هي أن يكون مؤلف هذا الكتاب عالمًا من الأزهر.
فنهض له الشيخ محمد الخضر حسين وآخرون لتفنيد دعاويه وكتب الشيخ محمد الخضر حسين كتابه: "نقض كتاب الإسلام وأصول الحكم" سنة (1344هـ= 1926م) تتبع فيه أبواب كتاب علي عبد الرازق، مبتدئاً بتلخيص الباب بعد الباب، ثم إيراد الفقرة التي تعبّر عن الفكرة موضوع النقد فيفندها، وانتقد طريقة استخدام المؤلف للمصادر، وكشف أنه يتعمد اقتباس الجمل من سياقها لتؤدي المعنى الذي يقصده علي عبد الرازق وليس المعنى الحقيقى
وفي عام(1345هـ= 1927م)أصدر كتابه "نقض كتاب (في الشعر الجاهلي)"والكتاب المنقوض للدكتور طه حسين الذي ادعي انتحال الشعر الجاهلي وألقي بشكوكه في كل قديم دُوِّن في صحف الأدب، وزعم أن كل ما يُعد شعرًا جاهليًا إنما هو مختلق ومنحول، ولم يكتف بهذه الفرية فجاهر بالهجوم على المقدسات الدينية حيث قال: "للتوراة أن تحدثنا عن إبراهيم وإسماعيل وللقرآن أن يحدثنا عن إبراهيم وإسماعيل، ولكن هذا لا يكفي لإثبات وجودهما التاريخي…". وقد انبرت أقلام غيورة لتفنيد ما جاء في كتاب الشعر الجاهلي من أمثال الرافعي، والغمراوي، ومحمد فريد وجدي
أما الشيخ الذي ألَّف كتابا شافيا في الرد على طه حسين وكتابه فكان محمد الخضر حسين الذي فنَّد ما جاء فيه، وأقام الأدلة على أصالة الشعر الجاهلي وكشف عن مجافاة طه حسين للحق، وانما طه حسين هو تابع للغربيين انتحل نصوص كتاب مستشرق انجليزي حاقد يدعي مرجليوث دون أن يبين مصدره للمصريين
اتجه محمد الخضر حسين إلى تأسيس الجمعيات الإسلامية،
فاشترك مع جماعة من الغيورين على الإسلام منهم تيمور باشا سنة 1346هـ 1928م في إنشاء (جمعية الشبان المسلمين) بالقاهرة، ووضع لائحتها الأولى مع صديقه ( محب الدين الخطيب )، وقامت الجمعية بنشر مبادئ الإسلام والدفاع عن قيمه الخالصة، ومحاربة الإلحاد العلمي. ولا تزال هذه الجمعية بفروعها المختلفة تؤدي بعضا من رسالتها القديمة في ميادين الإصلاح
وأنشأ سنة 1346 هـ (جمعية الهداية الإسلامية) وكان نشاطها علميا أكثر منه اجتماعيا، وضمَّت عددا من شيوخ الأزهر وشبابه وطائفة من المثقفين، وكوَّن بها مكتبة كبيرة كانت مكتبته الخاصة نواة لها، وأصدر مجلة باسمها كانت تحمل الروائع من التفسير والتشريع واللغة والتاريخ. كما أنشأ لها فروعًا بالأقاليم، فكان يلتقي فيها بأصدقائه وتلاميذه وطلاب المعرفة
في المحرم 1349هـ=أكتوبر 1931م أصدر الأزهر (مجلة نور الإسلام ) التي استمرت لليوم واسمها الحالي (مجلة الأزهر ) ،، وعند نشأة المجلة كلفوا الشيخ محمد الخضر حسين بتولي رئاسة تحريرها
و أوضح الشيخ في أول عدد منها أسباب إصدارها ، و منها :
1 - تعرَض الدين الإسلامي لهجمات مسعورة شنّها طائفة من الملحدين و العلمانيين في الصحف و المجلات .
2 - الذود عن حمى الشريعة الإسلامية ، و تقرير حقائق الدين على وجهها الصحيح ، و مواجهة نشاط البعثات التبشيرية في مصر ، و العمل على هداية الناس و إرشادهم إلى الحق .
أما أهدافها فقد كانت على النحو التالي :
1 - نشر آداب الإسلام و إظهر حقائقه نقية من كل لبس .
2 - الكشف عما ألصق بالدين من بدع و محدثات .
3 - التنبيه على ما دس في السنة من أحاديث موضوعة .
4 - دفع الشبه التي يحوم بها مرضى القلوب على أصول الشريعة الإسلامية .
5 - العناية بسير العظماء من رجال الإسلام .
6 - نشر المباحث القيمة في العلوم و الآداب .
7 - لا تتعرض المجلة للشئون السياسية أو مهاجمة الأديان أو الطعن في رجال الدين و التعريض بهم .
8 - تبتعد عن إثارة الفتن بين أبناء الوطن الواحد .
فتولى الشيخ منصب ( رئيس تحرير مجلة نور الإسلام ) ودامت رئاسته لها ثلاثة أعوام،ابتداء من جزئها الأول محرم سنة 1349هـ= 1931هـ، إلى عدد ربيع الآخر سنة 1352هـ، وعندئذ استقال من رئاسة تحرير المجلة، لأنه فوجئ بتعيين محمد فريد وجدي مديرًا لمجلة نور الإسلام، فقدَّم الشيخ الإمام استقالته من رئاسة تحرير المجلة، فألح عليه شيخ الأزهر وقتها الإمام الظواهري بسحب استقالته ورجاه أن يواصل الإشراف على المجلة، فاعتذر وقال: ما كنت لأتعاون مع رجل كنت أرد عليه بالأمس
يقصد بذلك صعوبة تعاونه مع محمد فريد وجدي بعد أن دارت بين الاثنين خلافات ومجادلات علمية معه علي صفحات الجرائد
ثم عُيِّن محمد الخضر حسين مُدَرِّسًا بكلية أصول الدين، فانكبَّ على البحث والدراسة، وأفاد طلابه بعلمه الغزير وبحوثه القيمة، فكان يقضي نهاره دَارِسًا ومُدَرِّسًا، ويقضي صدر ليله في إلقاء المحاضرات العامة بجمعية الهداية وغيرها، وفي تحرير المقالات والدراسات، وقد جمع كثيرًا من هذه الدراسات في كتاب سماه (رسائل الإصلاح).
، وعندما أنشئ مجمع اللغة العربية بالقاهرة (14 من شعبان 1351هـ=13 من ديسمبر 1932م)
صدر مرسوم في (16 من جمادى الآخرة 1352هـ = 6 من أكتوبر 1933م) بتعيين أعضاء المجمع العشرين؛ نصفهم من مصر، وهم: محمد توفيق رفعت، و حسين والي، و منصور فهمي، و إبراهيم حمروش، و محمد الخضر حسين و أحمد الإسكندري، وأحمد العوامري، وعلي الجارم وحاييم ناحوم. وخمسة من المستشرقين هم هاملتون جب من إنجلترا، وأوجست فيشر من ألمانيا، ولويس ماسينيون من فرنسا، وكارلو ألفونسو نيلنو من إيطاليا، وفنسنك من هولندا. وخمسة من العرب هم: محمد كرد علي، وعبد القادر المغربي من سوريا، والأب أنستاس الكرملي من العراق، وعيسى إسكندر المعلوف من لبنان، وحسن عبد الوهاب من تونس
وقد أثرى الشيخ مجلة مجمع اللغة العربية بالقاهرة ببحوثه القيمة عن صحة الاستشهاد بالحديث النبوي، والمجاز والنقل وأثرهما في حياة اللغة العربية، وطرق وضع المصطلحات الطبية وتوحيدها في البلاد العربية
، كما اختير عضوا بالمجمع العلمي العربي بدمشق
كما تولى رئاسة تحرير مجلة لواء الإسلام سنة (1366هـ= 1946م)،
وتحمل إلى هذه الأعباء التدريس بكلية أصول الدين
نال الشيخ عضوية جماعة كبار العلماء برسالته القيمة "القياس في اللغة العربية" سنة (1370 هـ= 1950م)،
وبعد قيام ثورة يوليو 1952 بمصرفي (26 ذي الحجة 1371هـ= 16 سبتمبر 1952م)،
وفي مستهل عهد الثورة رأت أن يتولى قيادة الأزهر مناضل عربي من زعماء المسلمين، فانعقد الإجماع على اختيار الشيخ الإمام محمد الخضر حسين، وفي يوم الثلاثاء 26 -12-1371هـ، الموافق 15-9-1952م خرج من مجلس الوزراء أثناء انعقاده ثلاثة من الوزراء توجهوا إلى البيت الذي يسكن فيه الشيخ بشارع خيرت و أبلغوه أنه وقع عليه الاختيار شيخا للجامع الأزهر وعرضوا عليه مشيخة الأزهر
وكان الاختيار مفاجئًا له فلم يكن يتوقعه بعدما كبر في السن وضعفت صحته
فقال عن توليه مشيخة الأزهر: "إن الأزهر أمانة قي عنقي أسلمها حين أسلمها موفورة كاملة
وكان كثيرا ما يردد: "يكفيني كوب لبن وكسرة خبز وعلى الدنيا بعدها العفاء
ويقول الشيخ يوسف القرضاوي:رأيت محمد نجيب أول رئيس لجمهورية مصر يزور الشيخ محمد الخضر حسين في مكتبه -وحينما أرادوا أن يقلصوا بعض أبواب ميزانية الأزهر رفض الشيخ الخضر حسين وقال لا والله لا أرضى هذا أبدا إن لم يزد الأزهر في عهدي فلا ينقص منه، إنما يكفيني كوب من لبن وكسرة خبز وبعد ذلك على الدنيا العفاء
دعا أحد المتفرنجين من أعضاء مجلس الثورة إلى مساواة الجنسين في الميراث ، ولما علم الشيخ بذلك اتصل بهم وأنذرهم إن لم يتراجعوا عن ما قيل فإنه سيلبس كفنه ويستنفر الشعب لزلزلة الحكومة لاعتدائها على حكم من أحكام الله ، فتراجعت الفكرة في مهدها.
وفي عهده أرسل وعاظ من الأزهر إلى السودان ولاسيما جنوبه
لكنه استقال من منصبه سنة 1373 هـ بعد أقل من خمسة عشر شهراً بسبب الافتراءات المتعمدة على رجال القضاء الشرعي والتي كان من نتيجتها إدماج القضاء الشرعي في القضاء الوطني
قدم استقالته احتجاجًا على اندماج القضاء الشرعي في القضاء الأهلي، وكان من رأيه أن العكس هو الصحيح، فيجب اندماج القضاء الأهلي في القضاء الشرعي؛ لأن الشريعة الإسلامية ينبغي أن تكون المصدر الأساسي للتشريع، وكانت استقالته في (2-5-1373هـ الموافق 6-1-1954م)، وأعلنوا أن الاستقالة لأسباب صحية.
من مؤلفاته :
آداب الحرب في الإسلام
حياة اللغة العربية
مدارك الشريعة الإسلامية
بلاغة القرآن
محمد رسول الله
رسائل الإصلاح، وهي في ثلاثة أجزاء، أبرز فيها منهجه في الدعوة الإسلامية ووسائل النهوض بالعالم الإسلامي.
الدعوة إلى الإصلاح على ضوء الكتاب والسنة وعبر تاريخ الأمة
قضاء البعثة المحمدية على المزاعم الباطلة
الدعوة الشاملة
الخيال في الشعر العربي.
تعليقات على كتاب الموافقات للشاطبي.
ديوان شعر "خواطر الحياة".
القياس فى اللغة العربية
نقد كتاب الإسلام وأصول الحكم
نقد كتاب طه حسين فى الشعر الجاهلى
البلاغة النبوية.
من آداب خطب النبي
بالإضافة إلى بحوث ومقالات نشرت في مجلة الأزهر (نور الإسلام) ولواء الإسلام والهداية الإسلامية.
كان الشيخ عالما فقيها لغويا أديبا كاتبا مكثراً أسهم في الحركة الفكرية بنصيب وافر
وفاته
بعد استقالته من المشيخة تفرغ للبحث والمحاضرة حتى لبى نداء ربه
توفي في مساء الأحد 13-7-1377هـ الموافق2-2-1958م)،
ووري التراب في مقبرة أصدقائه آل تيمور ودفن بجوار صديقه أحمد تيمور باشا بوصية منه
نعاه العلامة محمد علي النجار بقوله: "إن الشيخ اجتمع فيه من الفضائل ما لم يجتمع في غيره إلا في النّدْرَى، فقد كان عالما ضليعا بأحوال المجتمع ومراميه، لا يشذ عنه مقاصد الناس ومعاقد شئونهم، حفيظا على العروبة والدين، يردّ ما يوجه إليهما وما يصدر من الأفكار منابذًا لهما، قوي الحجة، حسن الجدال، عف اللسان والقلم"
وبعد موته بعقود مُنح اسمه وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى بمناسبة الاحتفال بالعيد الألفى للأزهر
[b][justify]