هذا هو البرادعي : الجزء الثاني عشر
المقابلات الشخصية
لقد استمرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في إجراء المقابلات الشخصية مع الموظفين العراقيين ذوي الصلة .. في بعض الأحيان مع أفراد وجماعات في مواقع العمل، وفي أحيان أخرى في مقابلات مرتّبة مع العلماء البارزين والمختصين الآخرين الذين كان لهم ارتباط مع البرنامج النووي العراقيّ في الماضي. ولقد استمرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في إجراء المقابلات حتى عندما لم تكن الأوضاع متوافقة مع الشكليات المفضّلة للوكالة، وذلك من وجهة ابتغاء الحصول على أكبر قدر ممكن من المعلومات – معلومات من الممكن فيما بعد اختبار مصداقيتها بالمقارنة بما نحصل عليه من مصادر أخرى والتي يمكن أن تكون مُعِينَة في إنجاز تقديراتنا للمناطق الجاري بحث أحوالها.
وكما تذكرون، عندما بدأنا في طلب إجراء مقابلات خاصة في غير وجود مرافقين، فقد أصر الأشخاص العراقيون الذين تجرى معهم المقابلات على تسجيل المقابلة كاملة على شرائط والاحتفاظ بنسخة من هذه التسجيلات. ومؤخرا، وبناء على إصرارنا، فقد وافق الأفراد الذين تجرى معهم المقابلات على إجراء المقابلات دون وجود رقيب ودون التسجيل على شرائط. ولقد أجرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية اثنتين من هذه المقابلات الخاصة في الأيام العشرة الأخيرة، وتأمل أن تكون قادرة على الاستمرار في إجراء هذه المقابلات الخاصة دون عوائق، بما في ذلك احتمال إجراء مثل هذه المقابلات خارج العراق.
وينبغي أن أضيف أننا ننظر في تحسين أفضل لشكليات إجراء هذه المقابلات، لكي نضمن أنها تتم بحرية، ولتقليل المخاوف من أن هذه المقابلات يتم الاستماع إليها من قبل أطراف عراقيين آخرين. ومن وجهة نظرنا فإن إجراء هذه المقابلات خارج العراق هو من أفضل الطرق للتأكد من أن أطراف هذه المقابلات يتمتعون بالحرية. ونحن بالتالي ننوي أن نطلب قريبا إجراء مثل هذه المقابلات. كما نطالب أيضا الدول الأخرى بأن تمكننا من إجراء مثل هذه المقابلات مع العلماء العراقيين السابقين الذين يقيمون الآن في تلك البلاد المعنية.
قضايا معينة
في غضون الأسابيع القليلة الماضية، قدم العراق حجما معتبرا من الوثائق المتعلقة بالقضايا التي تقدمت بتقرير عنها قبل ذلك، والتي لها مغزى خاص، بما في ذلك جهود العراق للحصول على أنابيب الألومينيوم، ومحاولاتها الحصول على المغناطيسات ومعدات تمكنها من إنتاجها، ومحاولاتها التي تم الإبلاغ عنها للحصول على اليورانيوم. وسأقوم باختصار بعرض ما تم تحقيقه من تقدم في كل قضية من هذه القضايا.
تخصيب اليورانيوم
منذ التحديث الأخير الذي قدمته إلى مجلس الأمن، كان التركيز الفنّيّ الابتدائي للأنشطة الميدانية للوكالة الدولية للطاقة الذرية منصبّا على حل العديد من القضايا المعلقة المتعلقة بالمحاولات المحتملة لاستئناف العراق جهودها لتخصيب اليورانيوم باستخدام الطرد المركزي. ولهذا الغرض، قامت الوكالة المذكورة خصيصا بتشكيل فريق مؤهل من الخبراء الدوليين في تصنيع أجهزة الطرد المركزي.
أنابيب الألومينيوم: قامت الوكالة بإجراء بحث شامل في محاولات العراق حيازة كميات كبيرة من أنابيب الألومنيوم ذات المتانة العالية. وكما سبق ذكره في التقارير، زعم العراق بأن هذه الأنابيب كانت مطلوبة لإنتاج الصواريخ. ولكن البحوث الميدانية الشاملة وتحليلات الوثائق فشلت في كشف أي أدلة تثبت نية العراق في استخدام هذه الأنابيب ذات القطر 81 ملليمتر في أي مشروع خلاف مشروع الهندسة العكسية للصواريخ.
ولقد كانت عملية اتخاذ القرار العراقي فيما يخص تصميم هذه الصواريخ موثقة توثيقا جيدا. فلقد قدم لنا العراق نسخا من وثائق التصميم، وسجلات المشتريات، ومحاضر اجتماعات اللجان والبيانات المساعدة والعينات. ولقد أدّت التحليلات الشاملة لهذه المعلومات، بالإضافة إلى المعلومات المستقاة من المقابلات التي أجريت مع الموظفين العراقيين، إلى تمكين الوكالة الدولية للطاقة الذرية من تكوين صورة متماسكة عن محاولات شراء أنابيب الألومنيوم بقطر 81 مم واستخداماتها المقصودة، وكذا عن المنطق وراء التغييرات الخاصة بقيم التفاوت المسموح به في صناعة هذه الأنابيب.
وبناء على هذه المعلومات، علمت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن قيم التفاوت المسموح به الأصلية كانت قد وضعت قبل عام 1987م، بناء على قياسات فعلية أجريت على عدد قليل من الصواريخ المستوردة التي كانت بحوزة العراق. ولم تؤد المحاولات المبدئية لهندسة هذه الصواريخ عكسيا إلا إلى نجاحات قليلة. وتم تعديل قيم التفاوت المسموح به في السنوات التي تلت ذلك كجزء من الجهود المبذولة لبعث المشروع وتحسين كفايته التشغيلية. ولقد ترنّح المشروع لمدة طويلة خلال تلك السنوات وخضع لعدة لجان تم تشكيلها، مما أدى إلى تغييرات في كل من المواصفات وقيم التفاوت المسموح به في كل مرة شُكّلت فيها لجنة جديدة.
وتأسيسا على الأدلة المتاحة، فقد خَلُصَت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى أنه من المستبعد أن تكون جهود العراق لاستيراد أنابيب الألومنيوم ذات علاقة بتصنيع أجهزة الطرد المركزي، وعلاوة على ذلك، فإنه من المستبعد جدا أن يكون العراق قد قام بإعادة التصميم الضخم المطلوب لتوظيف استخدام هذه الأنابيب في برنامج الطرد المركزي المعاد إحياؤه. وعلى أية حال، فإن هذه القضية تحتاج إلى تدقيقها وبحثها باستمرار.
المغناطيسات: بالإشارة إلى التقارير عن الجهود العراقية المبذولة لاستيراد مغناطيسات دائمة ذات شدة عالية – أو بلوغ القدرة على إنتاج مثل هذه المغناطيسات – لاستخدامها في برنامج التخصيب بالطرد المركزي، فإنني من الممكن أن أسجل أنه، منذ عام 1988م، كان العراق قد اشترى مغناطيسات دائمة ذات شدة عالية لاستخدامات متنوعة. ولقد أظهر العراق سجلاته الخاصة بمغناطيسات ذات اثني عشر تصميما مختلفا. ولقد تثبتت الوكالة الدولية للطاقة الذرية من استخدام المغناطيسات السابق استيرادها في نظم توجيه الصواريخ، والمعدات الصناعية، وعدادات الكهرباء والهواتف الميدانية. ومن خلال الزيارات التي أجريت لمراكز البحوث والإنتاج، والقيام بمراجعة الرسوم الهندسية وتحليلات عينات المغناطيسات، فإن خبراء الوكالة المتمرسين في استخدام المغناطيسات في عمليات التخصيب بالطرد المركزي قد تحققوا من أن المغناطيسات التي أعلن العراق حيازتها لا يمكن استخدامها مباشرة في المحامل المغناطيسية لأجهزة الطرد المركزي.
وفي يونيو عام 2001م، وقع العراق عقدا لخط جديد لإنتاج المغناطيسات، على أن يسلم ويتم تركيبه في عام 2003م. ولم يتم بعد حدوث تسليم الخط، وتدل الوثائق العراقية والمقابلات التي أجريت مع الموظفين العراقيين على أن هذا العقد لن ينفذ. وعلى أية حال، فقد تم تقييم هذا العقد على يد خبراء التخصيب بالوكالة. وقد كانت خلاصة رأيهم أن إنتاج المغناطيسات محليا يبدو أكثر معقولية إذا استبدل بخطة الحصول عليه من الخارج من وجهة النظر الاقتصادية. وبالإضافة إلى ذلك، فإن التدريب والخبرة التي اكتسبها العراق في الفترة قبل 1991م يجعل من المحتمل أن العراق يمتلك الخبرة اللازمة لتصنيع المغناطيسات الدائمة ذات الشدة العالية المناسبة لأغراض التخصيب بالطرد المركزي. وعليه فإن الوكالة الدولية للطاقة الذرية ستتابع المراقبة والتفتيش على المعدات والمواد التي يمكن أن تستخدم في صناعة المغناطيسات لأجهزة التخصيب بالطرد المركزي.
قدرات التشكيل بالسحب: لقد استخدم العراق إمكانياته ذات الدقة المتواضعة في عمليات التشكيل بالسحب لإنتاج أجزاء الصواريخ المصنوعة من الصلب. وتشير البحوث الميدانية إلى أن العراق قد بدأ حديثا في تشكيل أنابيب الألومنيوم من إنتاجه بالسحب أيضا.
وبناء على الوثائق العراقية، فإن ملاحظات الخبراء لإمكانيات العراق الصناعية ومعرفة الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالأصول العراقية الصناعية – بما في ذلك وجود المواد الخام – فإن تقديراتنا الحالية هي أن العراق مازال يمتلك وفرة من مواد أنابيب الألومنيوم عالي المتانة التي حازها في خلال الثمانينيات، وأنه يملك الخبرة اللازمة لإنتاج الأشكال سابقة التجهيز ذات جودة عالية، ولكنه حاليا يملك معدات تشكيل بالسحب ذات جودة منخفضة. وبالإضافة إلى ذلك، فإن افتقار العراق إلى الخبرة والمعرفة في هذا المجال يجعل من المستبعد جدا أن يكون قادرا في هذه الحال على أن ينتج اسطوانات من الألومينيوم متوافقة مع قيم التفاوت المسموح به والمطلوب لأجهزة التخصيب بالطرد المركزي. وبالرغم من ذلك، ستقوم الوكالة الدولية للطاقة الذرية بمراقبة كل الآلات والمعدات والمواقع الصناعية ذات القدرات العالية باستخدام آلات تصوير على مدار الساعة، مدعمة بنظام زيارات مفاجئة للمواقع. وستستمر الوكالة كذلك في تقييم مستوى الخبرات المتعلقة بالطرد المركزي الباقية في العراق.