اقرأوا المزيد عن البرادعي : الجزء الثالث عشر
حيازة اليورانيوم
لقد أحرزت الوكالة الدولية للطاقة الذرية تقدما في بحوثها وتحقيقاتها في تقارير بأن العراق أراد أن يشتري اليورانيوم من النيجر في الأعوام الأخيرة. ولقد دارت التحقيقات حول وثائق تقدم بها عدد من الدول والتي أشارت إلى اتفاقية بين النيجر والعراق لبيع اليورانيوم ما بين عامي 1999م و 2001م.
لقد قامت الوكالة بمناقشة هذه التقارير مع حكومتي النيجر والعراق، اللتين أنكرتا كلتاهما أن مثل هذا النشاط قد حدث. وفيما يخصها، زودت العراق الوكالة بشرح مستفيض لعلاقاتها مع النيجر، ووصفت زيارة قام بها مسؤول عراقي لعدد من الدول الأفريقية، بما فيها النيجر، في فبراير 1999م، والتي يظن العراق أنها تسببت في ظهور مثل تلك التقارير. ولقد كانت الوكالة أيضا قادرة على مراجعة المراسلات الواردة (إلى العراق) من مختلف الهيئات في حكومة النيجر، وأن تقارن الشكل والصيغة والمحتويات والتوقيعات الخاصة بهذه المراسلات بتلك الوثائق التي يدعى أنها خاصة بعمليات الحصول على اليورانيوم.
وبناء على التحليلات الشاملة، وصلت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في الخلاصة، متفقة في ذلك الرأي مع خبراء مستقلين، إلى أن هذه الوثائق – والتي شكلت الأساس لتقارير خاصة بصفقات اليورانيوم الحديثة بين العراق والنيجر - لم تكن في الحقيقة جديرة بالتصديق. ولهذا فقد خلصنا إلى أن هذه الادعاءات على وجه الخصوص كانت بغير أساس من الحقيقة. وعلى أية حال، فإننا سنستمر في متابعة أي أدلة إضافية، في حالة ظهورها، ذات صلة بمجهودات يبذلها العراق لاستيراد مواد نووية بطريقة غير مشروعة.
أنماط المشتريات
لقد بدا على السطح قلق من جهات عديدة بشأن نية العراق المحتملة في استئناف برنامجها النووي والتي تبينت من تقارير عدد من الدول بشأن الجهود العراقية لتدبير المواد. وبالإضافة إلى ذلك، فقد جرى العديد من عمليات حيازة البضائع والمنتجات، بما في ذلك المغناطيسات وأنابيب الألومنيوم، ضمن جهود عراقية تمت بالمخالفة للعقوبات الحاكمة المحددة طبقا لقرار مجلس الأمن رقم 661 والقرارات الأخرى ذات الصلة.
إن مسألة الجهود المبذولة للحصول على المشتريات تبقى تحت مجهر البحث المستفيض، وإجراءات التحقق من ذلك ستصبح وشيكة. إن فريقا من الخبراء الفنيين التابعين للوكالة الدولية للطاقة الذرية، ومحققي الجمارك وخبراء الطب الشرعي الاختصاصيين في الحواسيب، يقوم حاليا بتنفيذ مجموعة من التحقيقات من خلال التفتيش على شركات التجارة والمؤسسات التجارية، بهدف فهم أنماط المشتريات العراقية.
الخلاصة
وفي الختام، فإنني ألخص الوضع فيما يلي: أنا الآن قادر على أن أرفع تقريري، في مجال الأسلحة النووية – وهي أشد أسلحة الدمار الشامل فتكا – بأن أعمال التفتيش في العراق تمضي قدما. ومنذ استئناف التفتيش منذ ما يزيد قليلا عن ثلاثة أشهر مضت – وعلى وجه الخصوص خلال الأسابيع الثلاثة منذ تقديم تقريري الشفوي الأخير للمجلس - فإن الوكالة الدولية للطاقة الذرية قد أنجزت تقدما ملحوظا في التعرف على ما تبقى من الأنشطة ذات العلاقة بالإمكانيات النووية في العراق، وفي تقديرها لمسألة ما إذا كان العراق قد قام بأي مجهودات لإحياء برنامجه القديم للتسلح النووي خلال السنوات الأربع التي مضت منذ توقف أنشطة التفتيش. وفي هذه المرحلة، يمكننا بيان الآتي:
• لا توجد أدلة على أنشطة نووية مستأنفة في تلك المباني والتي تم تحديدها من خلال استخدام صور السواتل (الأقمار الاصطناعية) فلا مباني أعيد تأهيلها ولا مباني أنشئت منذ عام 1998م، ولا أي إشارة إلى أي أنشطة ممنوعة من تلك الخاصة بالنشاط النووي في المواقع الخاضعة للتفتيش.
• ليس هناك ما يدل على أن العراق قد حاول استيراد اليورانيوم منذ 1990م.
• ليس هناك ما يدل على أن العراق قد حاول استيراد أنابيب الألومنيوم المستخدمة في تخصيب اليورانيوم بالطرد المركزي. وعلاوة على ذلك، فحتى لو كان العراق قد اتبع مثل هذه الخطة، فإنه كان سيواجه بصعوبات عملية في تصنيع أجهزة الطرد المركزي من أنابيب الألومنيوم المذكورة.
• بالرغم من أننا ما زلنا نراجع المسائل المتعلقة بالمغناطيسات وإنتاجها، فإنه ليست هناك أدلة حتى الآن أن العراق قد استورد مغناطيسات للاستخدام في برنامج التخصيب بالطرد المركزي.
وكما قررت من قبل، فإن الوكالة الدولية للطاقة الذرية ستستمر قدما في تدقيق كل المسائل المذكورة آنفا وبحثها.
وبعد ثلاثة أشهر من التفتيش الاقتحامي، فإننا لم نجد حتى الآن أي أدلة أو مؤشرات معقولة على إعادة إحياء برنامج التسلح النووي في العراق. ونحن ننوي المضي في إجراءات التفتيش، مستفيدين من كل الحقوق الإضافية التي يخولنا إياها القرار 1441 وكل الأدوات الإضافية التي يمكن أن تتاح لنا، بما في ذلك منصات الاستطلاع وما يمت إليها من التقنيات بصلة. كما نأمل في أن نستمر في تلقي معلومات يمكن العمل طبقا لها من الولايات المتحدة في تفويضنا بهذا الخصوص. ويجب أن ألاحظ أنه في الأسابيع الثلاثة الماضية، ومن المحتمل أن يكون ذلك نتيجة للضغوط المتزايدة بلا حد التي يمارسها المجتمع الدولي فإن العراق كان مستعدا للتجاوب والتعاون، خصوصا فيما يخص إجراء المقابلات الشخصية وفي إتاحة الأدلة والقرائن التي يمكن أن تسهم في اتخاذ القرارات التي تهم الوكالة الدولية. وكلي أمل في أن يستمر العراق في مد وتوسيع مدى التعاون وأن يعجل من خطوات تعاونه في هذا السبيل.
إن المعرفة المفصلة لقدرات العراق والتي تمكّن خبراء الوكالة الدولية للطاقة الذرية من تجميعها منذ عام 1991م مع الحقوق الموسعة التي يتيحها القرار رقم 1441، – مقرونة بالالتزام النشط من الولايات المتحدة الذي يساعدنا على إنجاز تفويضنا، وكذا المستوى المتزايد من التعاون العراقي حديثا – سيمكننا في المستقبل القريب من تزويد مجلس الأمن بتقييم موضوعي شامل لقدرات العراق المتصلة بالشأن النووي. ومهما كان هذا التقييم موضوعيا، فإننا سنبذل قصارى جهدنا - في ضوء الشكوك الموروثة المتعلقة بأي عملية توثيق، خصوصا في ضوء تاريخ العراق الماضي في التعاون – من أجل تقييم قدرات العراق بطريقة مستمرة كجزء من برنامج المراقبة والتحقق، حتى نزود المجتمع الدولي بتطمينات حقيقية ومستمرة.
--------------------
(أستاذ متفرغ بكلية الهندسة بشبين الكوم – جامعة المنوفية – مصر)
drnabawi@gmail.com