الجزء السابع والعشرين عن رمز الوطنية الخائن الذي يعرف باسم البرادعي
===========
الحلقة السابعة
--------
انسحب البرادعي .. فهل تبدأ الثورة الدموية التي هدد بها؟
يشكك في الانتخابات ويهاجم البرلمان المنتخب
يسعى للكرسي مرة ثانية بطرق بعيدة عن الصندوق الانتخابي!
عامر عبد المنعم
معركة الشعب المصري لتشكيل نظام الحكم المستقل بعد الثورة تحتاج إلى درجة عالية من الوعي واليقظة، ولا يظن المخلصون أن أمريكا والغرب سيستسلمون بسهولة أمام الإرادة الشعبية التي يعكسها الصندوق الانتخابي، والتي تصب في صالح المشروع الوطني الإسلامي، كما رأيناها في المراحل الثلاث للانتخابات البرلمانية التي انتهت بفوز الإسلاميين بأغلبية كبيرة في مجلس الشعب.
وعندما بدأنا في جريدة "الفتح" الحملة ضد البرادعي وكشف مواقفه ضد أمته وبلده، لم نكن نستهدف الهجوم على شخصه، وإنما أردنا فقط إزالة الأغلفة التي أحاط بها الإعلام المتأمرك هذه الشخصية والدعاية المزيفة التي تقدمه على غير حقيقته. لم نفعل شيئا غير فضح مواقف هذا الموظف الأمريكي الذي تستخدمه أمريكا كرمز وقائد للمجموعات والدوائر التي تعمل وفقا للمخطط الأمريكي لاختطاف الثورة.
حاولنا بالأدلة الدامغة تبصير المصريين بزيف وكذب الإعلام الدولي و"تابعه المصري"، وكشف الخدعة الإعلامية التي جرت مخططة بهدف إظهار البرادعي كثائر وزعيم لمصر، ووصفه بأنه "رسول الحرية" كما ادعى أحد الأبواق الإعلامية.
لقد انسحب الدكتور محمد البرادعي من الترشح لانتخابات الرئاسة بعد أن فقد توازنه وانهار عقب الحملة التي فضحته وكشفت بالوثائق الدامغة دوره في خدمة السياسة الأمريكية، وتقديم خدمات جليلة للبيت الأبيض في كل المناصب التي تولاها، ولازال حتى الآن.
كشفنا طوال شهر ونصف قصة البرادعي كاملة منذ ظهوره مدعوما من أمريكا، وحتى دوره الحالي ضمن المخطط الأمريكي للسطو على الثورة، بطرق بعيدة عن الصندوق الانتخابي، والخروج على الشرعية، والتحريض على عدم احترام البرلمان المنتخب الذي جاء من خلال أنزه انتخابات شهدتها مصر، شارك فيها الملايين من الشعب المصري في طوابير مليونية غير مسبوقة.
الغريب أن الإعلام المتأمرك لم يع الدرس، وواصل نفس التمثيلية المكررة، واستمر في حملة التزييف والكذب وسعى لإعادة تقديم البرادعي المنسحب وكأنه فعل هذا حماية للثورة، ومارس هذا الإعلام من خلال نفس الشخوص والمسميات خدعة قلب الحقيقة وتحويل الانسحاب إلى بطولة!
انسحاب البرادعي تم بعد لقاءات مع المبعوثين الأمريكيين والتشاور معهم، بعد التأكد من فقدانه لأي شعبية، والبحث له عن دور آخر وبشكل آخر.
ورغم التبريرات التي قالها البرادعي في بيان الانسحاب فإن حملتنا كان لها الدور الأبرز في فضح اللعبة التي شارك فيها وظن أن الشعب المصري يمكن "استغفاله".
وانسحاب البرادعي لا يعني خروجه من المشهد، وإنما محاولة الاستفادة منه وإعادة إنتاجه، فأمريكا تحاول أن تستخدم كل مالديها من أوراق، وفقا للتطورات على الأرض، لمواجهة الانتصارات التي يحققها الشعب المصري الذي أصبح الآن القوة الأبرز في الصراع، وتحول إلى صخرة صلبة في وجه المكر المعادي.
كشف الخطط المعادية
وحملتنا على البرادعي كانت مجرد مدخل لكشف جانب مهم من الخطط المعادية، حتى نقوي مناعتنا، ونفكر في سبل المواجهة، ونعمل على إفشال المؤامرات التي يتورط فيها بعض شبابنا بحسن نية، ولعدم الدراية والفهم. لقد أردنا أن نحفز الشباب لقراءة ما بين السطور وما خلفها في أصعب أيام في تاريخ مصر سيترتب عليها مستقبل الأمة كلها.
وعندما نقول إن حملتنا كان لها الدور الأبرز في الضغط على الجهاز العصبي السياسي لمحمد البرادعي حتى انهار وقرر الانسحاب، فإنه يريد التقاط الأنفاس للمشاركة في لعبة انقلابية أمريكية جديدة.
الذي دفعنا للحملة الصحفية لكشف مواقف البرادعي هو قبوله الانقلاب على الإرادة الشرعية واستعداده لتولي منصب رئيس ما سمي بـ " حكومة الإنقاذ" من مجموعة قليلة بميدان التحرير، وصدور بيان من الرئيس الأمريكي باراك أوباما في نفس التوقيت يطالب المجلس العسكري بسرعة نقل السلطة بأسرع وقت ممكن، للبرادعي، وأعلن البرادعي من جهته تنازله عن الترشح للرئاسة وتولي منصب رئيس الوزراء.
كشف هذا الموقف بما لا يدع مجالا للشك ضلوع البرادعي في المخطط الأمريكي للسطو على السلطة وإهدار إرادة الشعب المتمثلة في الصندوق الانتخابي، الأمر الذي أفقده المشروعية الوطنية لكي يتقدم للترشح لانتخابات الرئاسة.
بيان متناقض
الغريب أن البرادعي عندما قرر الانسحاب، حاول أن يقدم مبررات للمحيطين به ولأنصاره الذين لم يستشرهم قبل إعلان قراره المفاجىء، فأصدر بيانا، متناقضا، يعارض بعضه بعضا، لكن أخطر ما في البيان هو أنه أخرج نفسه من الشرعية واعتبر ما تم من عملية انتخابية شارك فيها معظم المصريين مجرد عملية شكلية وليست عملية ديمقراطية حقيقية، وأصر على أن يبحث عن التغيير عبر وسائل غير ديمقراطية بعيدا عن الصندوق الانتخابي.
ولم نفهم ما قاله البرادعي عن العمل خارج الإطار الرسمي للدولة، وأن ذلك يعطيه الحرية والقدرة على التغيير بوتيرة أسرع وطريقة أكثر حسما. فما هي الطريقة الأكثر حسما للتغيير بعيدا عن العملية الانتخابية التي يشكك فيها؟
هل مازالت تراود محمد البرادعي الأوهام بالانقلاب على الثورة وإعلان تنصيبه بأي طريقة رئيسا لمصر؟ وهل هذا له علاقة بحالة الحشد ليوم 25 يناير من قوى ومجموعات تريد ادخال البلاد في الفوضى وتخريب الثورة بحجة استمرار الثورة رغم ما يتم من نقل السلطة بشكل طبيعي وافتتاح مجلس الشعب بعد يومين؟
حملته لتشويه البرلمان
البرادعي يصر على أن يكون التغيير بعيدا عن الصندوق الانتخابي، وهو يشن حملة تشويه ضد البرلمان الجديد، ويتهمه بأنه لا يعبر عن الشعب المصري، ويردد أكذوبة أن الشباب الليبرالي هو الذي قام بالثورة وأن الشعب خذله. وهذا الكلام لا يستحق الرد لأن الثورة قام بها الشعب المصري كله، بكل الأعمار والفئات، وفي كل ميادين مصر، وميدان التحرير شهد أكبر ملحمة شارك فيها كل المصريين بكل تياراتهم، لذا فان محاولة تشويه الحقائق والترويج لأكاذيب، لن تفيد في طرح رؤى ناضجة تساهم في عملية البناء.
كما أن الزعم بأن الشعب المصري خذل الشباب الليبرالي إساءة للأغلبية التي قدمت الشهداء وصمدت في وجه مبارك قبل الثورة وأثناءها وحتى الآن، وعبرت عن رأيها في الصناديق بكل حرية.
البرادعي يلعب لعبة خطيرة، فهو يشككك في العملية الانتخابية، دون تقديم البرنامج البديل لتشكيل النظام السياسي المصري بعد الثورة. وإصراره حتى الآن على موضوع الدستور أولا، يوحي بمعانٍ غريبة تثير الشكوك، فالمشاركة في الانتخابات كانت من كل القوى السياسية المصرية، وانخرط الجميع في الدوران مع عجلة البناء ولم يعد يتحدث أحد عن الدستور أولا سوى قلة منبوذة، ترفض الاحتكام للشعب وتريد أن تسير في طريق عكس التيار العام.